بينما كنت في نزهة برية بين أشجار الغضا وتأمل هذه الحياة وكيف في أربعة شهور فقدت والدتي الحنون وخالي المتألق رحمهما الله تعالى وإذا عبر الهاتف المتنقّل ينقل لي الأخ محمد خبراً مفجعاً بوفاة والدي وخالتي أم عبد العزيز -رحمهما الله- وإصابة إخواني إثر حادث مروري وفي هذه الأثناء تذكّرت قول الله تعالى وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ . وقال رسول الله عليه السلام «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته واخلف له خيراً منها».
رحمك الله يا والدي رحمة واسعة يا من تعلّمت منك الكفاح والاعتماد على النفس بعد الله تعالى وتعلّمت منك الصبر والاحتساب، يا من وضعت لك سيرة طيبة تجعلنا نفتخر بها وأن ننسب إليها، قلبك معلّق بالمساجد حتى وأنت في مرضك تحرص على أن تكون في مكانك المداوم عليه وهو روضة مسجد حيِّك. يقول الشيخ عوض الجميلي إن والدكم جاورته منذ سنوات طويلة قلّما تجدونه قد فاتته تكبيرة الإحرام، والدي ولله الحمد والشكر كان حريصاً على فعل الخير وبمشاريع كبيرة يحرص أن تكون في غاية السرية في حياته، وأذكر بعضاً منها نقلاً عن أخي يوسف وهو مسؤول المشاريع الخيرية المتعلّقة بالوالد - رحمه الله- كان ينتظر بكل شوق افتتاح مسجد جامع بحي الجندل بمحافظة الرس شيّد على نفقته كاملاً مع سكن للإمام والمؤذن بمساحة تقدَّر بـ 35م في 35م شيّد عدد من مساجد الأوقات داخل محافظة الرس وخارجها قال الله تعالى إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، رعاية عدد كبير من برامج تحفيظ القرآن الكريم، كفالة عدد من الأيتام داخل المملكة وخارجها. وضع عدداً من الأوقاف الخيرية تشتمل على عدة عقارات وغيرها، متواصل باستمرار مع عدد من الفقراء والمحتاجين، وأقام مركزاً إسلامياً متكاملاً مع جامع في دولة السودان، وكذلك مركز إسلامي متكامل مع جامع ومعهد مهني نسائي في اليمن رحمك الله يا والدي يا من كنت تحرص على فعل الخير بكل مكان لا تنتظر مدحاً من المخلوقين وتطلب الأجر والثواب من الخالق.
يقول الدكتور الشيخ إبراهيم الدويش: حينما شاهدت عدد من حضر جنازة والدكم وخالتكم رحمهما الله علمت أنه - رحمه الله- يحرص على بذل الخير ووفّقه الله بمحبة الناس له ورحم الله شريكة حياته الخالة أم عبد العزيز التي كانت من أفضل النساء عقلاً وحكمة تتميّز بطيبة قلبها حينما يتعرّض والدي - رحمه الله- إلى وعكة صحية تسهر على راحته وحينما نكون أنا والإخوان والأخوات عند والدي تستقبلنا بكل ترحيب وفرح وتعد لنا أنواع الأطعمة تفرح وتسعد بالاجتماع الأسري، رحمك الله يا أم عبد العزيز، يا من وهبك الله الصفات الجميلة وبإذن الله بأن لك الجنة. عن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال الرسول عليه الصلاة والسلام «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة). يا خالتي الغالية أحبابك وإخواننا الغالون سارة وعبد العزيز وفيصل هم في قلوبنا وفي عيوننا، نسأل الله لهم الشفاء وبإذن الله يكونون فخراً لنا في الدنيا والآخرة ويعينهم الله على برّك بعد وفاتك، وبإذن الله نحن سائرون على نهج والدنا - رحمه الله- بقيادة الأخ عامر - حفظه الله لنا ووفّق الله الأخ يوسف في إدارة مشاريع والدي الخيرية وأعان الله خالتي أم عبد الله زوجة والدي والإخوان والأخوات وأسرة العامر في فقد عميدها وكبيرها.
ونسأل الله الرحمة والمغفرة للجميع والشكر إلى كل من قام بالتعزية من أهالي الرس وخارجها، والشكر إلى أهالي محافظة البدائع على وقوفهم معي شخصياً بهذا المصاب العظيم، ونسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم.
خالد عبد الرحمن الزيد العامر