نجحت وزارة التربية في التخلّص من قبضة البيروقراطية عندما أسندت كثيراً من مشروعاتها النوعية التطويرية إلى مؤسسات متخصصة غير محكومة بلوائح جامدة عفا عليها الزمن أو بطقوس إدارية روتينية كافية لإدخال أي مبادرة تطويرية في دهاليز بيروقراطية طويلة تنتهي بموت المشروع التطويري أو تشويهه، لكن قبضة البيروقراطية لا تزال للأسف تضيّق الخناق على المدرسة، والمدرسة كما نعلم هي مربط الفرس وهي وحدة التطوير الحقيقي، فلا قيمة ولا معنى لأي تطوير يتجاوزها. يذكّرني هذا الحال بمقولة للمفكر الأستاذ إبراهيم البليهي حين قال لي في حديث شخصي إن حالنا وتعليمنا كحال من يعمل على تلميع السيارة ويضبط إضاءتها ويزن ضغط هواء إطاراتها في حين أن ماكينة السيارة (مخبطة)..
في اعتقادي الشخصي أن المدرسة لدينا لا تزال كسيحة وعاجزة عن تطوير نفسها، فهي بحكم محدودية صلاحية قيادتها، وبحكم صغر المساحة التطويرية التي تتحرك عليها تقف منتظرة مبادرات التطوير تهبط عليها من جهات عليا.
زرت بصحبة أستاذ جامعي أسترالي مدير مدرسة ثانوية في ملبورن بأستراليا، وتبيّن بعد الحوار الطويل مع المدير أن دوره يكاد يناظر دور وزير التربية عندنا. في المقابل زرت مدير مدرسة لدينا ووجدته يشتكي من تدخل جهة أعلى حتى في تقويمه لأداء معلميه.
ولتعرف كيف تحكم البيروقراطيون بالمدرسة لدينا قم بزيارة لأي إدارة تعليم وستجد أولياء أمور طلاب يجوبون ممراتها ويتجادلون مع مدير التعليم في موضوعات يفترض حسمها في المدرسة.
(*) أستاذ المناهج بجامعة الملك سعود