أظهرت الأزمة التي يواجهها نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي والذي تتهمه حكومة نوري المالكي التي استطاعت حشد جهات قضائية عديدة بأنه وراء تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية من قبل أفراد وحمايته ضد الزوار الشيعة ومواقع حكومية منها مجلس النواب.
الأزمة التي يواجهها طارق الهاشمي تعود في أغلبها إلى أفراد الحماية التي تتكون من أشخاص يفترض أنه هو الذي اختارهم، وفي العراق الجديد (شرع السياسيون الجدد) تنظيم مليشيات خاصة تابعة لكل سياسي بدءاً من النواب المنتخبين ثم الوزراء وأخيراً قادة الأحزاب والكتل السياسية.
إذ يسمح النظام في العراق لكل نائب منتخب بتكوين مجموعة من المسلحين لتوفير الحماية له وحراسته في تنقلاته وتحركاته، وكذلك تأمين منزله ومكتبه وتتراوح أعداد هذه المجموعة من20 فرداً أو أكثر، وهم بأسلحتهم وما يمتلكون من آليات وسيارات بمثابة (مليشيا صغيرة) مزودة بالسلاح ومع أن مهمتها حراسة السيد النائب ومعالي الوزير إلا أن وجود السلاح واستشعار القوة يدفع أفراد هذه المليشيات إلى ارتكاب التجاوزات، بل وحتى القيام بالجرائم، وقبل سنتين قام أفراد حماية نائب الرئيس السابق عادل عبد المهدي بالسطو على أحد البنوك العراقية وسلبوا من البنك ملايين الدولارات، طبعاً لم يتم متابعة القضية لأن عادل عبد المهدي يتبع (التجمع الشيعي الحاكم).
الآن القضية المثارة ضد طارق الهاشمي والتي يحركها نوري المالكي عبر الجهات القضائية تشبه وإلى حد كبير قضية حماية عادل عبد المهدي، فكلتا القضيتين لم تصل إلى درجة اتهام نائبي الرئيس بالقيام بتلك الأعمال إلا أن الأفراد المرتبطين به من عناصر الحماية محسوبون عليه، وهو ما جعل مجلس القضاء العراقي يوجه تهمة القيام بالإرهاب إلى طارق الهاشمي.
ولكن: كيف يكون من ضمن حرس وحماية طارق الهاشمي أشخاص يمارسون الإرهاب..؟!
يكشف زعيم سياسي عراقي وأحد أعضاء مجلس النواب الحالي بأن النظام سمح لكل نائب بتعيين ما لا يقل عن 30 حارسا لكل نائب براتب600 دولار تدفع من الدولة إذا كان يقيم داخل المنطقة الخضراء و50 حارساً إذا كان يقيم خارجها، أما الوزراء والرؤساء الثلاثة ونوابهم فلهم الحق في تعيين500 لحراستهم..!
وقد طلبت التنظيمات المسلحة والتيارات السياسية التي ساندت النواب وأوصلتهم إلى قبة البرلمان بأن يكافئوهم ويعينوا أبناءهم في حراسات النواب، وكرد جميل لهذه الجماعات جرى تعيين الكثير من هؤلاء في (مليشيات النواب المصغرة) مما أتاح لكثير من التنظيمات المسلحة من مليشيات طائفية، كما هو لدى النواب الشيعة، وبعض البعثيين وحتى من عناصر القاعدة السابقين لدى نواب قائمة العراقية، وطبعاً هؤلاء لديهم أجندات وتوجهات ليست بالضرورة تتطابق مع توجهات النواب الذين يدفعون الآن ثمن تمكينهم من حمل سلاح حكومي وبرواتب الحكومة ينفذون أعمالا كان نوري المالكي يرصدها ويسجلها، وعندما حان وقت استثمارها كحالة طارقة الهاشمي لم يتوان من الاستفادة منها للتخلص منه كبداية ستتبعها اجراءات أخرى؛ فالجرائم والتجاوزات التي ارتكبتها مليشيات النواب المصغرة عديدة من كلتا الطائفتين، وإن غض النظر عن النواب الشيعة، إلا أن المالكي يحتفظ في جعبته الكثير حتى لابتزاز النواب المشاكسين من طائفته مثلما يفعل مع النائب الساعدي رئيس جمعية النزاهة في مجلس النواب العراقي.
jaser@al-jazirah.com.sa