فاق عدد زوَّار مهرجان الجنادرية المليون زائر في أقل من أسبوع، بعد أن فُتح المجال للمواطنين والمقيمين بزيارة المهرجان والاستفادة من الفعاليات، والاستمتاع بالعروض التي تقدمها وفود مناطق المملكة جميعاً.
ومهرجان التراث والثقافة «الجنادرية» مناسبة ثقافية واجتماعية، تجمع بين التثقيف والترويح، ويكتسب أهميته من أنه المهرجان الثقافي والتراثي المستمر منذ أكثر من ربع قرن، وأنه لم ينحدر إلى مستوى ما يحصل في مهرجانات وعروض تعتمد على استدراج غرائز البشر، وتهتم بالشكل والإبهار دون الغوص في العمق وجوهر الإنسان لتجذير الانتماء الحضاري لإنسان هذه الأرض.
كما أن مهرجان التراث والثقافة (الجنادرية) يُعَدّ المناسبة الوحيدة الجامعة لأبناء المملكة والمقيمين على أرضها، التي تُقدَّم من خلالها عروضٌ ثقافية وتراثية واجتماعية، تربط إنسان هذه الأرض بوطنه، وتذكّره بحياة أجداده وآبائه.. وكل ذلك يتم وفق سلوك حضاري مهذَّب دون ابتذال ولا خروج على القيم والتقاليد والضوابط الشرعية الإسلامية.
وقد عزَّز النشاط الفكري والثقافي نهج المهرجان في التأسيس لقاعدة في الفَهْم والتثقيف لإحداث تطوُّر، يُدخل المجتمع في مسارات التنوير ضمن الالتزام بالقيم الإسلامية والأخلاقية للأمة العربية الإسلامية؛ لهذا فإن النشاط المنبري الثقافي والفكري المصاحب لمهرجان التراث والثقافة (الجنادرية)، الذي أصبح السمة البارزة للمهرجان، أسهم بفعالية في إحداث حراك اجتماعي في البلد من خلال مساهمة المحاضرات وآراء المفكرين والمثقفين، التي أضفت حيوية على حركة المجتمع وتفاعلاته الفكرية والاجتماعية. وقد لاحظ العديد من المفكّرين الذين حضروا مهرجانات التراث والثقافة أن كثيراً من التحولات الفكرية والاجتماعية تحقَّقت متأثرة إيجابياً بما كان يُطرح على المنبر الفكري للمهرجان.
لهذا فإن من باب الإنصاف، بل والتقدير لمبادرة الحرس الوطني، المؤسسة التي أطلقت هذا المهرجان، أن نُثني على استمرار تأديتها دورها الثقافي والفكري من خلال مواصلة عمل مهرجان التراث والثقافة، الذي ما كان له أن يستمر ويتواصل ويصل إلى ما وصل إليه لولا إمكانات وقدرات الحرس الوطني الغني برجاله وخبراته.