أحسبُ أن عالما روسيّا، قال، ذات مرة (لا أذكرُ أين، ومتى؟): إننا لا نسافرُ في المسافة وحسب، ولكن في الزمن أيضاً.
أي أننا نسافرُ في المسافة والزمن معاً.
وإذا كان على الأمم الحيّة أن تُسافرَ في المسافة
الزمن، أعتقد أن عليها أن تهيئ لنفسها وسائل تقنية جديدة خاصة، كالتي يستخدمها التقنيون الذين يقومون بالسفر الفيزيائي في المسافة.
وإذا كانت المسافة تستطيع أن تحوز المستقبل، فآلية ذلك أن تبتعد عن مهاوي طرقات الماضي وتتجاوزها، وتضع نفسها في خدمة التقنيات، التي يستعملها الرسّامون والموسيقيون والسينمائيون.
لا يهمّ أن يعترف العرب اليوم أنهم يذهبون ضد الأزمنة، وضد المسافات، وضد التاريخ، وضد الجغرافيا، وضد أنفسهم أيضا، وضد كل شيء.
لذلك، ليس من الغريب أنهم، في الغالب، يعودون من الطريق ذاتها.
الزمن، مثل الماضي، اختراعٌ بشريٌ، أي ردّة فعل إضافية على قضاء الله تعالى بهبوط الإنسان في الكون الخارجي، أي من الجنة إلى الأرض.
الزمن، بحالة جريانه الدائمة، على حدّ تعبير الملك عبد الله، لا يُفسدُ ما هو حيّ. صحيح أنه نمطٌ فريدٌ غريب، لكنه يبسط الحياة عند الجنس البشري.
ابتكار الماضي هو أيضا، مثل الزمن، مُحاولة للتعويض عن الحياة التي سبقت وجود الإنسان على الأرض، وشعورالإنسان ب» السقوط « إلى الحياة الخارجية، الذي أنشأ فيه هاجس التعويض هذا، هو النتيجة المباشرة للتصادم بين إدراكٍ أوحد: الإدراك البشري الذي هو أوّلاً إدراك الموت، والكون الذي لا يُدرك ولا يموت.
- كلّنا قابلون للعطب. لكأننا خُلقنا لكي نكون هكذا. لعل أهمية الكائن الإنساني تكمن في كونه قابلا للعطب. لو كان غير ذلك، لكان حالة خشبية مُرعبة.
- الإنسان هو الكائن الوحيد الذي من دون مساحة. كل الأشياء ترتبك عندما ترتطم بالإنسان، الذي انكساره الداخلي هو الأكثر هولا.
- يركض الزمن، ويركض معه الناس. وفي النهاية يسقط الناس وحدهم.
- الحمقى، الذين لايأبهون بالزمن، يضعون رؤوسهم تحتهم و... يجلسون.
- ليس صحيحا أن التطورغير المتلائم مع روح البيئة يُطفئ الإنسان. التخلف هو الذي يُدمره. أما التطور فيُشعل فيه كل شيء. والتخلف يُصيبه بالشيخوخة المُبكّرة.
- كلّ إنسان يُولد، وهو مُزوّد بالعبقرية. لكن غالبية الناس تحتفظ بعبقرياتها لبضع دقائق.. فقط.
Zuhdi.alfateh@gmail.com