دخل الجراح سعيد إلى المستشفى بعد أن تم استدعاؤه على عجل لإجراء عملية فورية لأحد المرضى, لبى النداء بأسرع ما يمكن وحضر إلى المستشفى وبدل ثيابه واغتسل استعدادا لإجراء العملية. قبل أن يدخل إلى غرفة العمليات وجد والد المريض يذرع الممر جيئة وذهابا وعلامات الغضب بادية على وجهه وما أن رأى الطبيب حتى صرخ في وجهه قائلا:
- علام كل التأخير يا دكتور؟ ألا تدرك أن حياة ابني في خطر؟
أليس لديك أي إحساس بالمسؤولية؟
ابتسم الطبيب برفق وقال: أنا أسف يا أخي فلم أكن في المستشفى وقد حضرت حالما تلقيت النداء وبأسرع ما يمكنني..الآن أرجو أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي، وكن على ثقة أن ابنك سيكون في رعاية الله وأيدي أمينة.
لم تهدأ ثورة الأب وقال للطبيب:
- أهدأ؟ما أبردك يا أخي لو كانت حياة ابنك على المحك هل كنت ستهدأ؟
سامحك الله.ماذا لو مات ولدك ما ستفعل؟
ابتسم الطبيب وقال:أقول قوله تعالى: «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ «وهل للمؤمن غيرها يا أخي الطبيب لا يطيل عمرا ولا يقصرها والأعمار بيد الله ونحن سنبذل كل جهدنا لإنقاذه ولكن الوضع خطير جدا؟
وإن حصل شيء فيجب أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون,
اتق الله واذهب إلى مصلى المستشفى وصل وادع الله أن ينجي ولدك.
هز الأب كتفه ساخرا وقال:ما أسهل الموعظة عندما تمس شخصا آخر لا يمت لك بصلة.
دخل الطبيب إلى غرفة العمليات واستغرقت العملية عدة ساعات،خرج بعدها الطبيب على عجل وقال لوالد المريض:
أبشر يا أخي فقد نجحت العملية تماما والحمد لله وسيكون ابنك بخير والآن اعذرني فيجب أن أسرع بالذهاب فورا وستشرح لك الممرضة الحالة بالتفصيل.
حاول الأب أن يوجه للطبيب أسئلة أخرى ولكنه انصرف على عجل
انتظر الأب دقائق حتى خرج ابنه من غرفة العمليات ومعه الممرضة فقال لها الأب: ما بال هذا الطبيب المغرور لم ينتظر دقائق حتى أسأله عن تفاصيل حالة ولدي؟
فجأة أجهشت الممرضة بالبكاء وقالت له:
لقد توفي ابن الدكتور سعيد يوم أمس على إثر حادثة وقد كان يستعد لمراسم الدفن.
عندما اتصلنا به للحضور فورا لأن ليس لدينا جراح غيره وهاهو قد ذهب مسرعا لمراسم الدفن وهو قد ترك حزنه على ولده كي ينقذ حياة ولدك!