ادّعي شرفاً أنني كنت قريبا؛ بل لصيقاً بالروائي السوري عبد النبي حجازي المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون السوري سابقا بحكم العمل. وقد جاء إلى هذا المنصب من اتحاد الكتاب العرب حيث كان نائباً للرئيس وقبل ذلك كان مديراً لتحرير جريدة البعث وله صولات وجولات!
هذا الأديب الكبير ولد بعثياً وعاش بعثياً فكراً وسلوكاً، وظل أميناً لبعثه ونظامه بامتياز إّذ مازال أحد أعضاء اللجنة المسؤولة عن تطوير حزب البعث بعد المؤتمر القطري الأخير!
لقد راهن عبد النبي حجازي على حافظ الأسد وعلى نظام حافظ الأسد من موقعه كأديب وإعلامي؛ وقد أطلقنا نحن الإعلاميون في التلفزيون السوري نكتة للتندر رداً على نكتة فؤاد بلاط المدير العام الذي سبق عبدالنبي بفترتين «بأن فؤاد أقصر مدير عام لأطول فترة» فبزّه عبدالنبي حجازي بل ناف عليه بأن أصبح «أطول مدير عام لأطول فترة زمنية» رقد فيها على كرسي المنصب حتى بات التغيير عسيراً في ظل حكومة محمود الزعبي المديدة!
وبعيداً عن هذا الترفيه سأذهب إلى دلالة هذه المقدمة بأن عبد النبي حجازي عضو لجنة تطوير حزب البعث بأجر -هذه وظيفة- قد نُكب بابنته بهراء، الفنانة الشابة التي اختطفها الأمن من الشارع وغيبها في أقبيته دون أن يلتفت إلى خلفية والد المخطوفة وخدماته الجليلة للنظام، ودون أن يفيد أهل المخطوفة عن مكان احتجازها.
لم يجد هذا الروائي الكبير عوناً من رفاق اليوم والأمس ولن يجد أحدا ، وقد أمسى وحيداً بعد أن أكل النظام من لحمه وداس على تاريخهما المشترك؛ لأنه لا علامة لأحد عند هذا النظام الذي بلا قلب و لا قيم ولا كرامات! الكل في ميزانه عبيد وأقيان سواء أكانوا كتاباً أو تجاراً أو مواطنين عاديين؛ الكل سواسية لكن تحت القدم!
لقد فات على عبد النبي حجازي بخبرته المديدة بأن هذا النظام لا يرأف بأبنائه ولا بعبيده مهما علوا شاناً أو مهما كانت درجات مناصبهم المدنية، لأن النخبة مثل عبد النبي صنعت وخلقت للتصفيق والتبجيل مقابل الفتات الذي ترميه لهم تحت عنوان استهلاكي وخدمي مثل: بيت من الإسكان ووقود للسيارة الأمنية أو الخاصة كامتياز!
ما زال عبد النبي يجهل مصير ابنته حتى هذه اللحظة، و يراهن على هذا النظام لأنه لم يستخدم رصيده كأديب له اسم في الساحة الثقافية والإعلامية السورية وليس لدى حزب البعث أكبر من عبد النبي إن تحرينا الحقيقة! واقتصر دوره كأب على الاتصالات الخجولة ببعض القنوات الفضائية واكتفى بالتعلل بالصبر الجميل وبأن الرفاق الميامين «ما زالوا أوادم « وسيخرجون ابنته وفخار يكسر بعضه!
- كان على الأديب حجازي أن يخرج من ذله وصمته على الملأ ويصور شريطاً في شركة ابنه مناع الفنية ويوجه خطاباً للرأي العام السوري والعربي محدداً موقفه الصريح من قتل السوريين واختطافهم بالطريقة البربرية، وأن يُطلّقَ هذا النظام طلاقاً بائناً؛ الذي صار عبئا على نفسه وعلى سوريا العظيمة، وأن يطالب بالإفراج عن بهراء عبد النبي حجازي شقيقة كل الحرائر السوريات اللاتي خطفن من الجامعات ومن البيوت ومن أماكن العمل والطرقات ومن التظاهرات التي تطالب بالحرية والكرامة وتصرخ بأعلى الصوت: الشعب يريد إسقاط النظام!
(*) حقوقي وإعلامي سوري