|
يبدو أن البعض لا يدرك أهمية المعلومة التي يسردها من أجل أن يكتب مقالاً يفجر من خلاله طاقاته الاحتقانية، وباتت الساحة الرياضية خلال الأيام الماضية مسرحاً لكل من تسنت له الفرصة ليطعن خاصرة الرياضية السعودية وكأن العالم سيتوقف بخروج منتخبنا السعودي من تصفيات كاس العالم وكأنها المرة الأولى التي سيخرج فيها منتخبنا بلا إنجاز.
ما دعاني لكتابة هذه السطور هو ما لفت انتباهي وما خطه قلم الكاتب بجريدة الجزيرة الأستاذ عبدالله الكثيري تحت عنوان (الكرة السعودية وعشر سنين (عجاف) والسبب الاحتراف) يوم الخميس الماضي لأنها لم تكن وجهة نظر بقدر ما كانت تفريغاً لاحتقان متأزم أراد خلاله التعليق على خروج منتخبنا بمقال صب فيه جام احتقانه وكرر من العبارات المسئية (فاشل، مذل، مذلة، حضيض، ملطشة، متواضع، دموي) والإسقاطات المتعددة التي تدل على ما يختزله عقله الباطن رغبة منه في تلميع الجيل القديم الذي نفتخر به وما حققه من منجزات للكرة السعودية بقيادة صالح النعيمة وماجد عبدالله وعبدالجواد والمصيبيح وصالح خليفة والبقية الباقية من ذلك الجيل، ولكن للأسف لم تتحقق الإنجازات المتتالية في عهدهم، ومع بالغ الأسف حملت مقالته بعض المغالطات التاريخية التي تدل على جهله بأرقام لا تصعب على مشجع رياضي بسيط فيكف بكاتب رياضي أفنى حوالي 30 سنة في الكتابة الرياضية!!!؟؟
وفي هذه الأسطر يطيب لي التعقيب على بعض ما قاله الأستاذ عبدالله الكثيري:
1/ في البداية وصف الاحتراف الذي تحققت الإنجازات معه وأوصلنا للعالمية (بالاحتراق) ووصفه بالوبال بعد مرور 20 سنة هي الشاهدة على التفوق والسيادة السعودية لآسيا برمتها والتي صاحبتها الإنجازات في عهد الأمير الراحل فيصل بن فهد الذي نقل كرتنا في عهده إلى عالم الاحتراف والعالمية، ولعلي أنشط ذاكرة الأستاذ عبدالله بالإنجازات السعودية والتي تحققت بعد الاحتراف الذي أقر في العام 1413 هـ فتأهل الأخضر لنهائيات كأس العالم بعد الاحتراف بسنة واحدة في العام 1994 وأتبعها بالتأهل ثلاث مرات أخرى أعوام 1998 و 2002 و 2006 ، كما حقق الأخضر كأس الخليج 1994 و 2002 و 2003 َ والتي عجز عنها جيل الهواية أو ما يطلق عليه البعض الجيل الذهبي طوال 6 مشاركات بداية من 1979 إلى 1992 ولم نحقق خلال هذه المشاركات حتى مركز الوصافة فكنا نكتفي بالمركز الثالث كأفضل إنجاز في تلك المشاركات!!؟؟ و في فترة الاحتراف حقق الأخضر كأس العرب التي استعصت كذلك على منتخبنا في فترة الجيل الذهبي وجيل الهواية في عدة مشاركات ليتحقق الإنجاز في العام 1998 أتبعها بكأس أخرى عام 2002 ، فعن أي احتراق يتحدث الكثيري في مقاله!!!؟؟ وعن أي سنين عجاف يصفها!!؟؟ فالجيل الذي تحققت بفضل الله ثم بفضله الإنجازات من بعد 1994 إلى 2006 هم من يطلق عليهم الجيل الذهبي بقيادة الرمز السعودي سامي الجابر ومحمد الدعيع وفؤاد أنور ويوسف الثنيان وفهد المهلل وخالد مسعد وآخرين لا مجال لذكرهم ولكن التاريخ يحفظ لهم ما حققوه.
2/ أخذ الكاتب بوصف الخسارة من ألمانيا بالمذلة ولعلي أتفق معه بقساوتها ولكن لا تصل لهذا الوصف وتشبيهه بمنتخب مكاو، ولعله يعلم بأن المنتخب الكوري الجنوبي سبق له الخسارة 9/0 من المجر و 7/0 من تركيا في نهائيات كأس العالم 1954 ومع ذلك حل رابعاً في 2002، وسبق لمنتخبات كثيرة أن خسرت بنتائج كبيرة في كأس العالم ومع ذلك لم تتوقف حالها حال الأخضر الذي لم تتوقف إنجازاته كما ذكر الكثيري بعد ثمانية ألمانيا، ولا أعلم إن كان تاريخه قد توقف على خسارة ألمانيا القاسية؟ ولعله نسي أو تناسى تحقيق كأس العرب 2002 وكأس الخليج 2003 والتأهل لكأس العالم 2006 وهي آخر ثلاثة إنجازات للكرة السعودية في العشر السنوات الأخيرة عدا وصافة آسيا 2007 ووصافة الخليج 2010، وجميعها تلت ثمانية ألمانيا، فكيف يصف العشر سنوات بالعجاف؟؟.
3/ يبدو أن الكاتب الكثيري غير ملم بالتاريخ الرياضي بشكل جيد عندما ذكر بأن منتخبنا تأهل في عام 2006 جاء بمساعدة صديق (البحرين) على حسب وصفه لأن ذلك كان عام 2002 عندما استفاد منتخبنا من فوز البحرين على إيران إلا أن منتخبنا تأهل لأنه حل أولاً في المجموعة بفضل نقاطه، ولتصحيح المعلومة له فمنتخبنا تأهل لكاس العالم 2006 قبل نهاية التصفيات بجولة بعدما حسم التأهل عبر بوابة أوزبكستان بثلاثية نظيفة من أقدام الرمز السعودي سامي الجابر هدفين وسعد الحارثي هدف وبعدها لعبنا مع كوريا الجنوبية في سيئول وفاز منتخبنا بهدف محمد العنبر.
4/ أصر الكاتب على وصف منتخبنا بالمتواضع عندما قال (ويتحول إلى منتخب متواضع وكأنه حديث بالكرة يتلقى الهزائم بالجملة من سوريا والأردن وعمان والكويت وغيرها من الفرق الآسيوية المتواضعة جداً) وليته أفادنا بالمنتخبات المتواضعة التي فازت على منتخبنا، ولكنه للأسف لم يذكر لأنه سرد كلاماً لم يثبته بالأرقام، وليته كذلك ذكرنا بالخسائر بالجملة من المنتخبات المذكورة!؟ فسوريا والأردن الذي قال عنهما إنهما يحلمان بالخروج بأقل الخسائر أمام منتخبنا سبق لهما الفوز على منتخبنا في مرات سابقة عدا خسارتي كأس آسيا 2011، أما عمان فلم يسبق له الفوز في مباراة رسمية في الوقت الأصلي عدا فوز وحيد في مباراة ودية عام 1986، فيما المنتخب الكويتي كانت له الصولة على منتخبنا إبان جيلنا الذهبي ودورات الخليج خير شاهد على ذلك، فعلى الكثيري أن يكون أكثر دقة في طرحه وبالأرقام.
5/ جهل الكثيري بالتاريخ جعله يخالف الحقيقة عندما قال في مقاله: إن منتخبنا خسر نهائي كأس الخليج ثلاث مرات متتالية وهذه معلومة مغلوطة مع الأسف ساقها في مقاله لأن منتخبنا خسر آخر نهائيين لكأس الخليج أمام عمان بركلات الترجيح وأمام الكويت والذي لعب فيه منتخبنا بالصف الثاني، أما النهائي الثالث الذي ذكره بخسارتنا أمام الإمارات فكان الخسارة في دور الأربعة وليست في النهائي الذي تأهلت له الإمارات وعمان في دورة الخليج الثامنة عشر بالإمارات 2007.
أما الخروج من البحرين في المباراة الفاصلة في تصفيات 2010 فهي لم تكن الأولى، ولعلي أذكره بأن هذا الخروج المر سبقه خروج أكثر مرارة من التصفيات عام 82 عندما خسر منتخبنا خمس مباريات من أصل ست ولم يحقق سوى نقطة وحيدة بالتعادل مع نيوزيلندا التي هزمتنا5/0 في ختام التصفيات وحل منتخبنا في المركز الأخير، وخرجنا من تصفيات 86 بتعادل وخسارة من التصفيات الأولية أمام الإمارات، وخسرنا التأهل عام 90 بأفضل منتخب مر على تاريخ الكرة السعودية (من وجهة نظري) وحل منتخبنا في المركز قبل الأخير، فلماذا لم يصف تلك الخسائر بـ (المهينة والقاصمة) كما أنه لم يخرج أحد ليشكك في وطنيتهم وغيرتهم على وطنهم.
6/ الخروج المر من التصفيات الأولية أمام استراليا لم يكن أمام الصف الثاني الاسترالي كما ذكر الكثيري في مقاله بل كان أمام نجوم استراليا المحترفين الذين استدعاهم مدربهم لهذه المباراة ولم يلعب بالصف الثاني كما ذكر!!؟ وهذا يدل على عدم معرفته بنجوم استراليا الكبار، ولعلي أذكره بأن المنتخب الاسترالي غاب عنه بعض اللاعبين أمثال تيم كاهيل وهولمان وولكشير وكيندي أما البقية فهم نجوم الكرة الاسترالية بقيادة نجوم الخبرة الذين شاركوا في كأس العالم 2010 وهم شوارزر ولوكاس نيل وشاشا وايمرتون وبرشيانو وهاري كيول واليكس وطمسون، ومن هذا المنطق نستطيع أن نقول إن منتخبنا افتقد لمحمد نور وأسامة هوساوي ونواف العابد وعبدالعزيز الدوسري.
7/ بالمناسبة عن حديثه عن خسارة المنتخب أمام اليابان5/0 بكأس آسيا فهي لم تكن الأولى بهذا الرقم فسبق لمنتخبنا الخسارة بنتائج مماثلة، فخسرنا بالخمسة أمام نيوزيلندا أيام الجيل الذهبي وكذلك حضرت السبعة أمام العراق ورباعيتان أمام الكويت.
8/ غمز الكثيري في مقاله في قناة الوطنية والروح وجعلها السبب في الخسارة من استراليا فكيف به أن يجرد لاعبينا من الوطنية وهم ذهبوا هناك من أجل الوطن وسمعته وليس للسياحة والترفيه كما ذكرها في مقالة.
ومن وجهة نظري أن الفوارق الفنية التي يجب أن يعيها الجميع إضافة إلى الأخطاء الفادحة كانت السبب في الخسارة، وعلينا أن نقتنع بأن البقية تعمل كما نحن نعمل فالتطور الكبير لبعض المنتخبات يجب أن نضع له حساباً في المستقبل مع الأخذ بأن كرتنا التي كانت ولادة للنجوم في العشرين سنة الماضية خبأ نجمها في التفريخ ولكن ليس لهذا الحال، فالجيل الحالي لديه من المقومات الكثير والكثير ليعمله وليس كما ذكر الكاتب في مقاله بأنه أسوأ جيل لأن هناك أجيالاً سابقة كانت أكثر سوءًا ولم يتحقق في عهدها أي إنجاز وهذا من المفروض ألا نخوض فيه لأن الأجيال مكملة لبعضها البعض كما أن المنافسة تختلف من جيل إلى جيل.
بالفعل أنا أدافع عن اللاعبين السعوديين لمعرفتي بأن وطنيتهم خط أحمر يجب أن نتوقف عنده مهما غابت الروح وحضرت ولا يمكن أن يتجرأ أحد ليشكك في وطنيتهم وغيرتهم على وطنهم، وهل يرضى أحد أن يسقط منتخب بلاده بمجرد خسارة أو أهداف ثلاثة ولجت مرمانا في ظرف أربع دقائق في حادثة فريدة من نوعها؟؟.
9/ والأغرب من ذلك المطالبة بإلغاء الاحتراف والعودة إلى زمن الهواة لإعادة كرتنا خطوات للخلف كنا نحلم فيها بالمنافسة بعيداً عن تحقيقنا لكأس آسيا 84 و 88 إلا أننا كنا بعيدين عن التأهل لكاس العالم وعن كأس الخليج وكأس العرب، فكيف يريدنا الكثيري أن نعود لجيل الهواة لكي نشكل دوراً هامشياً مع الدول التي لم تنتقل للعصر الاحترافي وتوقفت على أدوارها الهامشية في خارطة الكرة الآسيوية !؟ فغالبية دول العالم تطبق الاحتراف والكثيري يريد أن (نجتث) الاحتراف من جذوره، مع أني ضد الاحتراف بشكله الحالي إلا أن وجوده ضروري جداً شريطة إعادة صياغة بنوده وعدم المغالاة في الأرقام المالية.
ختاماً أعتقد أن وجهة النظر لا بد لها أن تكون مقترنة بالحقيقة وتؤكدها الأرقام، ولكن من خلال ما طرحه الأستاذ عبدالله في مقاله أعتقد أنه طرح بعيد عن الواقعية والحقيقة ربما أرد من خلاله تلميع جيل على حساب جيل وأراد التفريق بين حاضر وماضي المنتخب مع أنه تاريخ مكمل لبعضه.
عمار حمد العمار - محرر بجريدة الجزيرة