من منا لا يريد الإصلاح؟ الجميع يريد مجتمعاً صالحاً خالياً من المنغصات، الجميع يريد المحبة والصفاء والنقاء يعم أفراد مجتمعه, ولكننا لا نريد أن يكون الإصلاح زعماً وخرقاً للأنظمة، لا نريد الإصلاح هدماً لما شيّد وإفساداً لما بُني، لا نريد أن يدّعي من لهم مآرب أخرى أنهم دعاة إصلاح مهما كانت منزلتهم ومكانتهم العلمية والاجتماعية.
وقفت أمام بعض الآراء المنشورة عبر قنوات التواصل الاجتماعي حول مسألة الإصلاح والمصلحين وألفيت بعض الكتبة المعتبرين يرون من يقوم بالفوضى وإثارة الرأي العام مصلحاً!
الحديث عن الإصلاح دوماً يشوبه لدى البعض شائبة المصالح المتقاطعة, فئة تريد الإصلاح لذات الإصلاح وفئة تريد الإصلاح لمصلحة ذاتية بحتة حتى ولو كانت على حساب أمن ورخاء المجتمع.
إن قضية الإصلاح قضية هامة ولا يمكن أن يتقدّم مجتمع ما دون سعيه الدائم لإصلاح شأنه كله اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً, ولكن القضية كما أسلفت فهم البعض لهذه المفردة (إصلاح) فقد فهم البعض أنها الثورة وفهم البعض أنها التخلّص من الماضي وفهم البعض أنها التعدي على كل أنظمة وقوانين الدولة، هؤلاء كلهم فهموا هذه المفردة خطأ، في أحسن أحوالهم، وقد يكون الأمر أعظم وأخطر.
نعم، نريد أن نصلح من كافة مؤسساتنا الحكومية ونريد أن نتخلص من كل أنواع الفساد المالي والإداري ولكننا بكل تأكيد نريد أن يتم كل هذا باللغة الحقيقية للإصلاح ومن هم أهلاً للإصلاح، لا من خلال من يهوون في أقل حالاتهم الظهور الإعلامي (إذا أحسنا الظن).
في بلادنا وكما قلت في أكثر من مقالة وقال غيري محسودون على ما نعيشه من أمن نحمد الله عليه كثيراً، وما نعيشه من لحمة نادرة، ومع ما نعيشه من تفاهم وتعاون، ولا أريد أن يأتي أحدهم ويقول، بل إننا نعاني من ظلم وتعدٍ على حقوقنا و.. وإلى آخر ما يُقال عن أمور أدركها قبل أن تُقال, نعم يوجد ظلم ويوجد تعدٍ على حقوق ككل الدول، كما يوجد ما يمكن أن يطلق عليه فساد إداري ومالي، ولا يمكن أن أقول أو يقول أي كاتب منصف عاقل إن مجتمعنا مجتمع يعيش حالة خاصة من الفضيلة والنزاهة, وأننا لا نعاني من جراء هذا الكثير من المشاكل التي تصل إلى حدٍ يؤذي مشاعرنا ويزعج عقلائنا، لكن ما لا نقبله ولا نرضاه ولا يقبله أي إنسان يملك ضميراً حيّاً ما يدّعيه البعض من إصلاح! أي إصلاح ينطلق من الشارع؟ أي إصلاح يكون بتأليب الناس على ولي الأمر أو المسؤول أي كان هذا المسؤول؟!
إننا أذا أردنا الإصلاح وأردنا أن يكون صوتنا مسموعاً فعلينا أن نسلك المسالك المقرة شرعاً، فشريعتنا لم تترك لنا شاردة ولا واردة إلا دلتنا على السبيل الأقوم للوصول إليها، وفي مسألة الإصلاح والمصلحين عدة أبواب في الفقه الإسلامي، وهناك عشرات المؤلفات القديمة والحديثة التي تتكلم عن هذا الموضوع وأهميته والمخاطر المحيطة به, ولعلماء بلادنا آراؤهم المعتبرة في هذا.
عندما تجد شخصاً يدّعي الإصلاح وهو يسلك مسالك الشهرة فاعلم أنه دعي يزعم الإصلاح بحثاً عن شهرة أو إفساد في الأرض.
المصلحون اختارهم الله من بين خلقه فكان منهم الأنبياء والرسل ومن بعدهم خيار الناس، ولم يكن يوماً من يريدون زعزعة أمن البلاد مصلحون.
ما أريد أن أقوله إن على شباب بلادنا الحذر من دعاة هذه الفضيلة مهما كانت عباراتهم جميلة وشعاراتهم براقة، فهم دسوا السم في العسل، ولا يريدون لك ولا لوطنك خيراً,حتى وإن قدّموا ما يوحي بأنهم مصلحون، فلا خير في إصلاح يأتي بالتفرقة والكراهية بين الراعي والرعية أو بين الناس والعلماء.
والله المستعان,,
almajd858@hotmail.comتويتر: @almajed118