خلال متابعتي للمناقصات الحكومية في الصحيفة الرسمية، شد انتباهي مناقصة باسم (مسجد تك)، وهو مشروع تجريبي ترغب تنفيذه وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف في بعض مساجد الرياض، وهو عبارة عن شاشات بلازما سيتم نصبها، داخل المسجد، في مكان بارز لعرض بعض المعلومات بشريط إخباري،
مثل إعلان عن صلاة الاستسقاء، دخول هلال شهر رمضان، إعلان يوم الحج الأكبر، وغيره من المعلومات التي تهم المجتمع، ويتم إرسال هذه المعلمات بصفة دورية أو فورية من مركز المعلومات في الوزارة بواسطة رابط الكتروني، كما يمكن دعم هذه المعلومات بالصوت والصورة بما يتناسب مع الخبر، وعندما نستعرض تاريخ بيئة المسجد التقنية، نجد أنها بدأت بالإضاءة والتكييف ثم استعمال مكبرات الصوت البسيطة ثم الأنظمة الصوتية المركبة، يتجاوز مداها حدود المسجد إلى مسافة الخمسة كيلومترات وأكثر، كما أصبح بعض المصلين يقرأ القرآن من شاشة جهاز جيبي إلكتروني، والربط الإلكتروني للمسجد بلا شك نقلة نوعية لتوظيف أدوات التقنية لخدمة المسجد، ومن هنا نرى أن هناك متسعاً لتوظيف مزيدٍ من التقنية لخدمة بيئة المسجد، ولا يخفى على الجميع أن المسلم اليوم أصبح يتلقى مختلف أنواع المعرفة بواسطة وسائط تقنية متطورة، مدعومة دائماً بالبيانات المنظورة والإحصائيات الرقمية، وينتر أن يكون خطاب الوعظ والإرشاد في المسجد أو خارج المسجد، بنفس الكفاءة والدقة والاختصاص باستعمال تلك الوسائط، والواقع يؤكد أن حسن التمييز أصبح شفافاً، عند المسلم، إلى درجة تمكنه من التمييز بين الطيب والأطيب، وبين الخبيث والأخبث، وعلى سبيل المثال نجد فرقاً جلياً بين نوعية وكفاءة خطب الجمعة في الحرمين الشريفين ومسجد الإمام تركي بن عبدالله في الرياض وبين مساجد الجمعة في الأحياء، وهذا التميز المتنامي في الكفاءة والنوعية علاوة على الاستمرار في استعمالات الوسائط المتجددة، من شأنه أن يجعل أجيالنا تحظى (بمسجد تك) ربما، مزودا بشاشات عملاقة تنقل نقلاً مباشر، المحاضرات القيمة لكبار العلماء إلى مسجد الحي بواسطة الربط الإلكتروني، وربما تصل الشفافية عند أجيالنا إلى اعتماد لغة الأرقام والبيانات في التمييز، بدلاً من القبول والتسليم بمصطلحات عامة مطاطية، على سبيل المثال لا الحصر، مصطلح (كثير من الناس) الشائع في مناسبات الوعظ والإرشاد، واستبدالها بنسبة مئوية وشرائح بيانية، تكون هي المؤشر التي تمنح المتلقي حرية التقييم بدلاً من التلقين، مما سيعني ضمور الكلام الإنشائي، حيث إن تحديد النسب وأنواعها، يحتاج إلى دراسة ميدانية، من مراكز إحصاء معتمدة، ويتعين على المتكلم الصادق أن ينسب تلك الدراسة ونتيجتها إلى مصدرها خلال محاضرته، وبالتالي سيعمل ازدهار الحس النوعي عند الأجيال على ترقية الطاب الإرشادي.
khalid.alheji@gmail.com