لفت نظري في كلمات الأميرة حصة بنت سلمان بن عبدالعزيز عن والدها، التي قرأتها عبر صفحات الجزيرة هذا الأسبوع، بعد تدشين سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز لكرسي مخصص للدراسات التاريخية بجامعة الملك سعود.
ما لفت نظري في تلك الكلمات، أنها تُقال للمرة الأولى وفي مناسبة كهذه، لأن سلمان بن عبدالعزيز لا يتحدث عن نفسه، ولا يحب أن يتحدث عنه أحد، فالإنسان “العملي” دائماً أعماله هي التي تتحدث عنه، مع ذلك تمكنت كريمته من الحديث ببضع كلمات مختصرة تصف فيها هذا الرجل، بتركيبته الفكرية ما بين التاريخ والثقافات المعاصرة، وعن اهتماماته في مختلف علوم التاريخ والأنساب والقبائل وتفرعاتها.. ومن هذا المنطلق أعلنت عن أمنيتها في أن يؤلّف كتاباً يتضمن ذكرياته في العمل الحكومي وعن تاريخ الجزيرة العربية بشكل خاص.
وأود هنا أن أضيف على ما قالته حصة بنت سلمان، في عدة نواح، ومن تجربة شخصية ترددت كثيراً في الكتابة عنها، لكني اليوم أجد نفسي وبلا تردد أكتب سطوراً ولو قليلة في هذه التجربة. إذ قالت في مُعرض حديثها: “كثيراً ما يتحدث والدي عن دور المرأة في المجتمع”، وأنا أشهد بذلك، فمعروف عن سموه اهتمامه بكل ما يُكتب بالصحف، وشغفه بقراءة مختلف الأفكار والزوايا الصحافية، ولا يكتفي بهذا، بل يقوم بالتعقيب شفهياً أو كتابياً، وكم من مقال نُشر له فيه تعقيب أو توضيح مذيل باسمه دون ألقاب، وأنا من الكتّاب الذين تشرَّفوا بتعقيباته واتصالاته التي تأتي بلغة متواضعة، ودعماً معنوياً حتى لو كان يختلف في بعض الرؤى أو الأطروحات. وموقفه الشخصي معي - بحد ذاته- وكمثال هو دعم واهتمام بالمرأة، حتى إنه حينما كان في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو في عزِّ ألمه حينما كان شقيقه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله- يصارع المرض، وفي خضم هذا لم يفته ما كُتب، ولم يتجاهل التعقيب على ما يُنشر، بل يتواصل من هناك مع الإعلاميين وأنا منهم، رغم أن ظروفه كانت في أشد صعابها.
ومن دعم واهتمام سلمان بن عبدالعزيز بالمرأة، أن جمعه ذات يوم لقاء مع والدي، وشرّفني بأن نلت وقتاً في ذلك اللقاء حينما تحدث عن قلمي وعن المواضيع التي أطرحها، وقدَّم الشكر لوالدي على هذا.. وهل أكثر من هذا دعم وتقدير للمرأة؟ أما عن أمنية حصة بنت سلمان بتأليف والدها لكتاب تاريخي، فأنا وقد أطرح الشهادة الأقل تواضعاً من بين من يعرفونه، إذ إن سموه في ذلك اللقاء الذي جمعه بوالدي تحدث له عن أمور تاريخية بتفاصيل دقيقة، ومنها حديثه عن جدي لوالدتي “إبراهيم بن عيدان” رحمه الله، وروى عدداً من المواقف له مع المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله- لقربهما من بعضهما، هذه التفاصيل وعلى الرغم من أنها عن جدي بعض منها لم أكن أعرفه، وهذا ما نقله لي والدي عن ذلك اللقاء الجميل بقوله: “سلمان بن عبدالعزيز موسوعة تاريخية”.. لذا وإن كانت هذه أمنية كريمته، فهي أمنية لكل من يعرف والدها أو اجتمع به في أي موقف كان. ومن هنا أطالب سلمان بن عبدالعزيز، بالكتابة لأجل التاريخ والوطن، ولأجل أجيال قد تتوه في دهاليز التاريخ!
وبما أن الحديث عن الكتابة والتاريخ، فإنني من هنا أعلن عن صدور كتابي الجديد، بعنوان: “ثورة الشعب وثورة الطائفة.. سوريا والبحرين”، وهذا الكتاب الذي سأقوم بتوقيعه هذا المساء - بمشيئة الله- في معرض الكتاب، هو توثيق اجتهدت فيه لأجل التاريخ، ولأسجّل فيه موقفاً لأجل أجيال أخشى عليها من دهاليز التاريخ.
www.salmogren.net