|
الجزيرة – رولا المسحال:
تعيش سوق الأسهم السعودية حالة من الانتعاش المتبع بالحذر، بعدما سجل السوق عودة الكثير من المستثمرين الذين خرجوا من قبل أكثر من 6 سنوات منذ ‘’فبراير الأسود’’ كما يسميها البعض والتي حدثت في عام 2006 و كانت العلامة البارزة في تاريخ السوق، بعدما لحقت الخسارة بالكثير من المستثمرين السعوديين وتعود “الأسهم” اليوم لتسجل ارتفاعا ملحوظا ساهم في عودة المستثمرين مرة أخرى، ويرجع الاقتصاديون هذه العودة إلى السيولة والصرف الحكومي في عدد من القطاعات لعل أبرزها قطاعي المنشآت وقطاع البيتروكيماويات. وكشف مصدر مصرفي بأن هناك خطوات وإجراءات واضحة تنبأ بأن فتح الباب للمستثمرين الأجانب للدخول إلى السوق بات وشيكا، وربما يكون خلال الأسابيع القليلة القادمة. وقال المصدر “الذي فضل عدم ذكر اسمه” إن دخول المستثمرين الأجانب كان يتم على نطاق ضيق خلال العاميين الماضيين”، مشيرا إلى أن انتعاش سوق الأسهم السعودية خلال الشهريين الماضيين وعودة المستثمرين إلى السوق يعود إلى عدة أسباب من أهمها الزخم الذي أخذته الميزانية من خلال الصرف على البنية التحتية، والإنفاق الكبير على قطاع البيتروكماويات والتعدين، كما زاد الطلب بشكل كبير على الاسمنت”. وأضاف: يحدث ذلك أيضا في سياق ما يحصل عالميًا من إيجاد حلول جذرية في الأسواق العالمية، والنمو غير المسبوق في دول شرق آسيا وخاصة في الصين والهند والتي أثبتت أن الناتج القومي فيها له مكانة عالمية”. ويرى المصدر أن تلك الأسباب بالإضافة إلى توقعات بدخول المستثمرين الأجانب للسوق دفعت الكثير من المحافظ الاستثمارية لاستباق الأحداث واستدراك وضعها والإقبال على شراء الأسهم وذلك للاستفادة من الصرف الحكومي، قائلا: “ويأتي ذلك أيضا في ظل استقرار المملكة من كافة النواحي خاصة في ظل ما يحدث في المنطقة”. وحول توقع تكرار حدوث كارثة 2006 حاليًا، قال المصدر: “السوق السعودي لا يزال سوقا فتيا، حيث انطلق في 2003 ويجب أن تعطى الجهات المشرفة فرصة، حتى تكون مطورة للسوق وليست شرطة مرور فقط”. وخلال الجلسات الـ 11 الأخيرة، استطاع المؤشر المحافظة على موقعه فوق 7 آلاف نقطة، ليحقق الزيادة الأسبوعية السابعة على التوالي. وارتفعت مكاسب المؤشر منذ مطلع العام إلى 957 نقطة، أي 15%، وبلغت مكاسب المؤشر في آخر سبعة أسابيع 997 نقطة.
السوق غير مهيأ
وعلى عكس المصدر يرى المحلل عبد الحميد العمري أنه من المبكر جدا على السوق استقبال المستثمرين الأجانب، قائلا:” السوق ليس بحاجة للاستثمار الأجنبي فالنظام فيه لا يزال دون المستوى بل إن الاستثمار الأجنبي قد يتحول إلى فاس تكسر الرؤوس”وأضاف: إذا استطاع الجهاز المالي بكافة أطيافه من توفير العديد من الشروط والمتطلبات التي من المفترض توفرها في أي سوق ناشئ لاستقبال الاستثمار الأجنبي فعند ذلك يمكن فتح أبواب أسواقنا”. وقال: إن قيمة الأسهم المتاحة للتداول لم تتخطَ حاجز الـ 600 مليار ريال، وأي محفظة استثمارية في أي سوق أوروبي تتمكن من دفع هذه القيمة، فالسوق السعودي ليس بحاجة لأي سيولة، ومن المعروف أن السعودية من أكثر الدول المصدرة للاستثمار والسيولة فالمطلوب هو تشجيع هذه الاستثمارات على العودة للداخل”. ويرى العمري أنه من المفترض حتى تحقق الاشتراطات المطلوبة لدخول المستثمرين الأجانب للسوق أن تقوم الشركات بزيادة عدد أسهمها المطروحة للتداول وأن يكون لها حجم رأس معين، وهذا الأمر لا ينطبق على الكثير من الشركات المتاحة للتداول”.
عودة المستثمرين
من جانبه قال الاقتصادي فضل البوعينين: هناك نوعان من المستثمرين الأول وهم المستثمرون طويلي ومتوسطو المدى، والآخر المستثمرون قصيرو المدى، النوع الأول هم من لم ينسحبوا من السوق وكانوا يتوقعون الدورة الحالية وارتفاع الأسهم، أما النوع الثاني أي قصيري المدى فهم من يتجاوبون مع التغييرات المباشرة حيث بدؤوا بالعودة تدريجيًا للسوق لاعتقادهم بإمكانية تحقيق مكاسب مالية خلال الأشهر القادمة”. وأشار إلى أن قصيري المدى يتخذون قراراتهم بناء على المتغيرات الآنية بعكس الآخرين الذين يتخذون قرارهم بناء على التحليل الأساسي وبناء على معرفة ما يحدث في السوق من المتغيرات. ويرى البوعينين أن الارتباط بين السوق السعودي والأسواق العالمية هو ارتباط سلبي فقط، حيث إنه في حال حدوث هبوط في الأسواق العالمية تتأثر السوق السعودية ولا يحدث العكس في حال ارتفاع مؤشرات الأسواق العالمية. وأضاف: أسواق الأسهم من أخطر القنوات الاستثمارية لذا على المستثمر كما يمني نفسه بالأرباح أن يحتاط للخسائر، ومن الطبيعي أن تشهد الأسواق المحلية انخفاضًا وارتفاعًا ومن المؤلم أنه من الممكن أن تتحول الحركات في السوق إلى انهيار. ونوه البوعينين بأن بعض الأسهم ممكن أن تتسبب لملاكها بانهيارات مماثلة لما حدث في 2006، وضرب مثالا على ذلك بقوله: “على سبيل المثال سهم بروج قفز من 21 ريالا للسهم إلى 258 ريالا للسهم الواحد خلال فترة زمنية بسيطة، ثم انهار ليلامس 60 ريالا، لذا من اشترى هذا السهم قد يكون تعرض لانهيار حقيقي دون أن يتعرض السوق بمجمله لهزات عنيفة لذا يجب التفريق بين السوق ككتلة والأسهم المضاربة أو الأسهم المتضخمة”. وشدد البوعينين على ضرورة أن يكون هناك دور لهيئة سوق المال حتى لا تكرر أخطاء 2006، عندما رفع كبار المضاربين السوق إلى مستويات مرتفعة مما أدى إلى تضخم أسعار الأسهم، وذلك أدى إلى انهيار السوق وتسبب بكوارث للمستثمرين.
10 % لنمو الأرباح
وحول توقعات ازدياد الأرباح في السوق، قال الاقتصادي محمد العنقري: التوقعات مبنية على النتائج التي ستحققها الشركات ومازالت التوقعات حولها إيجابية بتوقع نمو الأرباح 10% هذا العام والقيم المالية تدل على أن السوق مازال بالمجمل وفي القطاعات والشركات الجيدة تحديدا مطمأنة وهذا هو الذي يحدد القرار الاستثماري”. وحول المطلوب من المستثمرين والجهات الرقابية لتجنب الكوارث قال: من الضروري أن يكون هناك تحديث مستمر للتقارير عن السوق والشفافية، وكذلك من الضروري الإفصاح من قبل الشركات المساهمة”. مشددًا على ضرورة عدم انجراف المتعاملين خلف المضاربة فقط والانتباه للمخاطر دائمًا ومن قبل الهيئة الإشراف والمراقبة بالإضافة لتطوير آليات الإفصاح وكذلك استمرار طرح الشركات والمنتجات لاستيعاب السيولة المطروحة في السوق”. وفيما يتعلق بدخول المستثمرين الأجانب قال: هناك توقعات وبدأت بعض الملامح لذلك وبالتأكيد ستكون الضوابط قوية من خلال منع تحريك سيولة ساخنة وكذلك تحديد القطاعات التي سيسمح بالاستثمار بها بالإضافة لضوابط أخرى تحددها الهيئة”.