ما حدث في جامعة الملك خالد بأبها أمرٌ بالغ الأهمية، وعلينا أن نتعامل معه بالجدية اللازمة لأن الموضوع، حقاً، في منتهى الجدية رغم أن بعض ما نشر بشأنه كان ينحو إما إلى التهوين من الأمر أو المبالغة.
يجب أن نضع الأمر في سياقه الصحيح.. فنحن نتحدث عن بيئة طلابية جامعية تعج بما يملأ الحياة الطلابية الجامعية في أي بلد من العالم من تفاعلات تتراوح بين قضايا التعليم وقضايا مرتبطة بالشأن العام على وجه الإجمال. ولأننا، كما يُقال دائماً، جزء من هذا العالم فإن ما ينطبق على الآخرين ينطبق علينا في هذا الزمن الذي اختزلت تقنيةُ الاتصالات أركانَ الكرة الرضية حتى غدت مدينة واحدة بل قرية واحدة.
ما رشح من معلومات يشير إلى وجود مشكلات ومعوقات ونقص في بعض المستلزمات الأساسية التي يحتاج إليها الطالب والطالبة حتى في أبسط أشكالها، مثل كرسي للجلوس أو دورات مياه نظيفة أو حاويات للنفايات يتم جمعها قبل أن تتراكم.. وغير ذلك من الأساسيات. يضُاف إلى ذلك ما أكده بعض الطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس عن جوانب تنظيمية ترتبط بالجانب الأكاديمي والجانب الإداري.
مثل هذه الظروف لن تساعد على قيام بيئة جامعية تتسم بالسلاسة في علاقات أفرادها سواء الطلبة أو الأساتذة أو الإداريين. ولا يهم ما هي أسباب وجود مثل هذه البيئة التي رأى البعض أنها ترجع لأسباب إدارية، بينما نسبها البعض الآخر إلى قلة الإمكانيات أو جمود الأنظمة الإدارية والمالية التي هي خارج سيطرة إدارة الجامعة.. أو أن هذه الزوابع تعود أساساً في معظمها إلى عناصر فوضوية بين صفوف الطلاب والطالبات حسبما رأى بعض المسؤولين في الجامعة.
سنفترض أن بعض أو كل الكتابات المتحمسة، من الجانبين، كانت بدافع النية الحسنة والرغبة في الإصلاح. ولكن علينا أن نتذكر أننا أمام حالة غير عادية نتجت عنها فوضى قد تؤدي إلى ما لا يسر. هناك لجنة رسمية للتحقيق في ما حدث، وهي لجنة من خارج الجامعة، ومن ثم نفترض أنها غير متحيزة، وهذه اللجنة ستخرج بنتائج وتوصيات تكون منطلقاً للإصلاح.
يبقى بعد ذلك أمرٌ مهم يتجاوز جامعة الملك خالد أو أي جامعة بعينها، ويتعلق بالحياة الجامعية بمجملها في مختلف جامعات المملكة، وهو ضرورة تنظيم الحياة الطلابية من خلال إيجاد صوت يمثل الطلبة والطالبات ويعبر عنهم مثلما هي الحال في جامعات الدول المتقدمة. مثل هذا الإجراء سيحقق فوائد كثيرة أولها معرفة المعوقات والمشكلات التي تعترض سير العملية الدراسية والحياة الطلابية ومعالجتها أولاً بأول بطريقة موضوعية وعملية.. كما أن مثل هذا الإجراء هو تمرين للطلبة والطالبات على تحمل المسؤولية وبلورة روح قيادية تؤسس لقادة مستقبليين في شتى المجالات.
إنني أعلم أن هناك جمعيات كثيرة للطلبة في كل جامعة من الجامعات السعودية.. لكن المطلوب هو ترقية ذلك إلى كيان إداري طلابي يمثل صوتهم من خلال عمليات انتخابية نظيفة على هيئة رابطة أو اتحاد طلابي أو أي مسمى آخر مناسب.
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض