التغيير في أبسط حالاته نزعة دافعها الفطري هو الملل ودافعها المثالي هو الطموح إلى الأفضل.. وبينهما دوافع كثيرة منها شخصي ومنها عام وأغلبها استجابة ليس للفرد فيها من فضل سوى السير مع التيار.. وقليل منهم يسير عكس التيار ولو كان فيه عليه ضرر.
القادرون على التغيير سواءٌ على المستويات البسيطة المباشرة الشخصية أو على المستويات العليا التي تؤثّر في المحيط القريب والبعيد أيضاً ينطلقون من دوافع بعضها يهدف إلى التطوير أو السيطرة أو الخروج من مأزق.. أو لأسباب نفسية أو مجتمعية أو سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو شهوة من أي نوع.
حب التغيير في بني البشر يكاد ينحصر في اتجاه واحد هو محاولة تغيير الآخرين.. فالجميع يؤمن بحتمية التغيير لكننا لا نمارسه.. فرغبة التغيير تستثار على مستوى المشاعر والعواطف لكنها لا تُمارس ولا تُطبق.
فئة من الناس ترفض التغيير لأنها تخافه.. وحين تطالبهم بالتغيير فهذا يعني أنك تطالبهم بالتخلي عن أمور أو أوضاع اعتادوا عليها ولا يعرفون غيرها.. لذلك فهم يرونها مفيدة أو في أقل الحالات يرونها أسلم ويخافون من أن تغييرها لن يقود للأفضل، بل إلى التدهور.
لذلك فدعوة الناس للتغيير لا بد أن تسلك مسارات تؤدي بالمجتمع إلى الوعي بأهمية التخلي عن مفاهيم وقيم بالية منتهية الصلاحية لا يمكنهم الاستمرار بالعيش معها.. وهذا يعني أنها مفاهيم وقيم صعبة وثقيلة وبالتالي فتغييرها حتماً سوف يقود إلى الأفضل.. المشكلة متى وكيف يعي الإنسان المهموم بيومه هذه الحقيقة.. وكيف يتحرك للتعامل معها.. وأين هي أولوياته.. وهل يعرفها؟.. هذا إذا سلّمنا أن في يده قرار التغيير لو رغب.
أخيراً خروج الإنسان من وهمه من أصعب الأمور.. ومن ذا الذي يريد أن يخرج من السعادة إلى التعاسة ولو بالوهم.. لذلك لا بد من الأخذ بيده كمدمن الكحول أو المخدرات لعلاجه.. وكذلك الحال بالنسبة للرافض للتغيير.. لا بد من الأخذ بيده وإخراجه من (تابوه) مخاوفه من نتيجة التغيير وأوهام الخسائر المحتملة إلى حقيقة المكاسب المتوقّعة.