أقفل معرض الكتاب أبوابه يوم أمس الجمعة بعد أن سجل حالات طفيفة لا تكاد تذكر لأشخاص حاولوا اختراق حواجز الأمن الصلبة للوصول إلى مقرات الفعاليات قريباً من دور النشر، أو الدخول إلى قاعة المؤتمرات لإيقاف بعض الندوات بحجة مشاركة المرأة مباشرة من منصة التقديم، رغم أن المشاركات محتشمات وتركيزهن منصب على الندوة، ولم يكن لهن علاقة بما يدور حولهن، ولم يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وهناك مثقفات سعوديات شاركن إلى جانب مثقفات من دول أخرى، وحدوث تجاوزات من بعض المجتهدين خارج نطاق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسبب بَلبلةً ويثير شغباً غير مبرر ويشوه صورتنا أمام ضيوفنا في وقت نتمنى أننا قد تجاوزنا هذه المرحلة من الفوضى وفرض الوصاية غير الرسمية ووضع الآخرين أمام سياسة الأمر الواقع وإجبار المسؤولين والمنظمين المشرفين على البرنامج على التراجع والانسحاب والتنازل.
حدثت تصرفات فردية تصدى لها الزملاء المشرفون على البرنامج بحكمة ورحابة صدر، وتصدى رجال الأمن لغارة احتسابية واكبت ندوة ثقافة الحقوق اعتراضاً على مشاركة أكاديميات ومثقفات سعوديات، وقبضت قوات الأمن على عشرة منهم حولتهم إلى قسم شرطة الملز لاستكمال التحقيقات معهم، وبحث الأسباب الخفية وراء تصرفاتهم العشوائية. قوات الأمن برجالها أدت مهامها بكفاءة وكانت سداً منيعاً ضد الفوضى، وترك رجال الهيئة انطباعات جميلة، وضيق الجميع السبل ضد هواة الفوضى ومثيري الشغب، وظل الزملاء المشرفون على البرنامج الثقافي على أعصابهم خوفاً على البرنامج من محاولات التعطيل والإيقاف، ووضعوا أيديهم على قلوبهم خشية استقبال اعتذارات بعض الضيوف، وهي اعتذارات مربوطة بالتأكيد بما يحدث ويدور في مثل هذه المناسبات، فالناس ليست ناقصة مشاكل، وما يقوم به المحتسبون يرفضه الأغلبية، فالرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ وأثناء زيارته لمعرض الكتاب يوم الأربعاء الماضي وضح وجهة نظره حول تجاوزات المحتسبين؛ إذ يرى فضيلته ترشيد الاحتساب، ويضيف أن من يقوم بالاحتساب مجتهدون ولكن اجتهادهم ليس بالوقت المناسب، ويرى أن الاحتساب يجب أن يرشد في الفترة التي نمر بها، وبين فضيلته أن المحتسبين طيبون بطبيعتهم، ومخلصون ولكن قد تخذلهم وسائلهم التي يستخدمونها.
للأسف قد يكون بعض هؤلاء مجرد أدوات يستخدمها البعض ممن يتولون شحنهم وتحريضهم وتهييجهم ضد المناسبات, والمحرضون ينعمون بالراحة في بيوتهم ويبثون رسائلهم من فوق مقاعدهم الوثيرة خلف شاشات أجهزتهم الحاسوبية, وبمجرد أن يكتبوا مقالاتهم أو تغريداتهم في التويتر يتلقاها هؤلاء القلة المغيبة دون وعي لينفذوا رغبات المحرضين دون حساب لوقوعهم في الفخ.
الوسائل التي يستخدمها المحتسبون لا تناسب العصر الحالي، إذ هو عصر مختلف عن الماضي يتسم بارتفاع مستوى الوعي والانفتاح ومعرفة الناس بما ينفعهم ويضرهم، والاحتساب أصبح تحت سيطرة الهيئة وهي جهة رسمية معتمدة ومعتبرة من مؤسسات المجتمع المدني الحديث, وهي مؤسسات تعمل وفق نظم ولوائح وقوانين واضحة ومن لديه رغبة في الاحتساب عليه أن يعمل في منظومة الهيئة، فعصر الفوضى والوصاية وفرض الرأي انتهى إلى غير عودة إن شاء الله.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15