من الناس من يجيء إلى الدنيا وكأنه لم يولد ويعيش فيها وكأنه لم يوجد ويموت وكأنه لم يعش، وهذا شأن أغلب البشر، على أن قلة منهم ممن يكون لمولده خبر ولوجوده أثر ولذكره انتشار، والشيخ الفقيد، -وقد انتقل إلى ما نسأل الله له من رحمة ربه صباح يوم السبت الموافق 24ربيع الآخر 1433هـ- هو الأكبر سناً في أسرته وهو والد سماحة الشيخ قيس بن محمد المبارك، من الصنف الأخير فيما اتصف به وعُرف عنه، لقد كان -رحمه الله- مثلاً في صدق القول وهيبة الذات وعفة النفس وبذل العطاء في موضعه، لم يكن غني مال ولكنه غني نفس، زاهداً ومترفعاً عن كل ما يتطلع له الناس من مغانم الدنيا ومغرياتها باذلاً ما في قدرته, لم يكف يده عن عون ولم يقفل بابه عن وافد أو قاصد وكأنه المعني بقول الأول:
وقولي لقد كان ألوفا أفتدي الوفا
بذولاً لما يغلي وما جال في اليد
وكان -غفر الله له- في اللغة مرجعاً وله في أدبها نصيب وممن أخذ من الفقه بحظ غير منقوص، رحم الله الفقيد وأظله بظلال رحمته وخلفه على أهله وأسرته ومجتمعه بجميل الصبر وجزيل الأجر وخلفهم عليه بواسع رحمته والأكرمين من ملائكته { يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} والله غالب على أمره ولا حول ولا قوة إلا به.
الرياض 24-4-1433هـ