«المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تغلق 60 معهداً مخالفاً لنظام المؤسسة، ومن أبرز هذه المخالفات: بيع شهادات تدريبية دون حضور المتدربين». هذا الخبر أو البيان نوَّه عنه مديرعام المؤسسة، وقراءته وتحليله، يفرز العديد من التنبيهات المهمة للمرحلة الراهنة والآتية.
من أبرز هذه التنبيهات:
- أهمية استمرار متابعة المعاهد والمؤسسات في قطاع التدريب الأهلي، والتي تُعنى بتنمية المهارات والقدرات البشرية، وبما يكفل خلوها من كل الممارسات الخاطئة أو الانتهازية، وفي مقدمتها: منح الشهادات المزورة، والتي تتنافى مع القواعد الأخلاقية في العمل العام، والرؤية والرسالة المفترضة لهذه المعاهد، في مجال التنمية البشرية، والتي من أجلها مُنحت تراخيص العمل داخل السوق السعودية.
- توسيع نطاق وحدود هذه المتابعة لتشمل كذلك المعايير الفنية والمهنية لمحتوى البرامج التدريبية وتماهيها مع احتياجات سوق العمل، بما يُعزز من جودة مخرجاتها، ويُحقق أقصى فائدة علمية ممكنة لجهة تركيم المزيد من المهارات المعرفية للشباب السعودي الطموح. إذ مع الأسف الشديد تحولت بعض معاهد ومؤسسات قطاع التدريب الأهلي إلى معابر وقناطر لمنح شهادات تدريب دون الاستناد إلى محتوى معرفي جيد، وهذا ممَّا يُعرقل بالضرورة قدرة شباب الوطن على محاكاة التَّطور الكبير والمُطِّرد في صناعة وتقنية المعلومات والاتصال على مستوى المنظومة العالمية، والتَّصدي بفعالية لقضايا التنمية المستدامة، وبرامج وخطط التحديث والتطوير، وما لها من أدوار أساسية في تطوير بيئات العمل، والتحول الضروري إلى مجتمع المعرفة.
- ما يحدث حالياً من ممارسات خاطئة لبعض المعاهد في قطاع التدريب الأهلي هو بمثابة حراكٍ مضاد لتوجهات الدولة ومجهوداتها لبناء وتخطيط منظومة بشرية فاعلة تستوعب الحراك المعرفي والتنموي الجاري بوتيرة عالية في المملكة، وتعمل على إدارته بمهنية عالية. إذ تُعد المملكة من القوى العالمية الصاعدة التي تُعنى بقطاعي التعليم والتدريب، وصناعة البحث العلمي، إنفاقاً واستثماراً، وتستقطع لذلك جانباً مهماً من نواتجها العامة الإجمالية. ومن ثمَّ فإنَّ استمرار إرهاصات هذا الحراك المضاد يُسهم في استمرار التبديد النسبي للموارد العامة وعرقلة إنتاج المخرجات الفنية والمهنية العالية القادرة على إدارة دفة مجتمع المعرفة. وبما يتطلب الأمر بالضرورة العناية، وبشفافية عالية، بأدوات الرقابة والمحاسبة، والفحوص المهنية، بلْه وإعادة النظر إن لزِم الأمر في شروط منح تراخيص العمل للمعاهد والمدربين، وبما يتيح الأجواء للجيد منها للعمل في هذا المجال التنموي المهم.
- العناية بدراسة وتنفيذ مقترح مدير عام المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني - والذي قدَّمه أثناء انعقاد فعاليات ملتقى الآفاق المستقبلية للتدريب في المملكة الذي نظمته غرفة المنطقة الشرقية - بإنشاء مجلس متخصص للتدريب والتطوير تحت إشراف ومظلة الغرف التجارية والصناعية السعودية، وعضوية نخبة من الكوادر المميزة، ليعمل على مراجعة الأنظمة واللوائح وتطوير التدريب الأهلي، وتحقيق الأهداف وفق معايير الجودة المطلوبة، لإثراء الوطن بكوادر بشرية مؤهلة لقيادة الأعمال والتنمية وتطويرها.
كلمة أخيرة:
علم وفن تخطيط الموارد البشرية يُعنى أساساً بتأهيل وتنمية القدرات والمهارات الإنسانية لتكون قادرة فنياً ومهنياً على مباشرة تنفيذ الأهداف والمهام الموكولة إليها وفق المستهدف، وعلى أفضل صورة ممكنة. ومن أبرز أهداف علم تخطيط الموارد البشرية: تحديد احتياجات المنشأة المستقبلية من العناصر البشرية بمختلف التخصصات والمهارات، وتحسين معدلات الأداء والإنتاجية، وتنمية المهارات والمعارف الكلية، وزيادة الربحية، وتخفيض تكاليف الإنتاج، وإحداث التغيرات الهيكلية والتنظيمية التي تساعد على التعامل الإيجابي مع التطورات البيئية والتقنية الداخلية والخارجية، ومباشرة ومتابعة أعمال تطبيقات التعاملات الإلكترونية، وإبراز عناصر القوة والضعف في نوعية وأداء العاملين في المنشأة، بما يساعد على بناء برامج التطوير والتدريب والتحفيز المناسبة، وإشباع رغبات واحتياجات كلٍ من المنشأة والمستهلك.
من مأثور الحِكم:
بِقَدْرِ الكَدِّ تُكْتَسَبُ المَعَالي
ومَنْ طَلَبَ العُلَى سَهِرَ اللَّيالِي
ومَنْ طَلَبَ العُلَى مِنْ غَيْرِ كَدٍّ
أَضَاعَ العُمْرَ في طَلَبِ المُحَالِ