ما لكم لا تميتون الباطل؟ ما لكم لا تئدون الفتنة في مهدها؟ لماذا ترضون أن تكونوا أبواقاً للسفهاء من الناس، الذين يلقون الكلام على عواهنه، ويقذفون بالكلمات رصاصاً من وَهْم وضلال؟
أعجب لكم أيها العقلاء من المسلمين والمسلمات، بل أغضب منكم وأنتم تتناقلون في مجالسكم وتويتراتكم وصفحاتكم الفيسبوكية ومواقعكم على الشبكة المعلوماتية بصورة غريبة تلك الكلمات النابية التي يطلقها من هنا وهناك بعض المنحرفين فكرياً وعقدياً من أبناء الأمة الإسلامية الذين أصبحوا كالدمامل في جسدها المنهك، بارزة بصورتها المقززة، بعد أن كانوا يتخفون داخل جسدها كالطاعون، أصبحتم أبواقاً لهم وأنتم لا تشعرون، يسبون الله عز وجل فتجعلون أنفسكم مروجين لكلامهم المشين، وأنتم لا تشعرون، ويسبون رسول الله عليه الصلاة والسلام، فتنشرون ذلك حتى يصبح في متناول كل قارئ، وكل سامع من كبار الأمة وصغارها، وينالون من القرآن والسنة والإسلام والأنبياء والمرسلين فتبثون كلامهم في كل مكان بصورة غريبة عجيبة، إنكم أيها المتلبسون بأثواب الإصلاح والإنكار على أولئك تفتحون لهم من أبواب الانتشار ما لا تشعرون بفظاعته، وما لا تدركون آثاره السيئة في نفوس الأجيال.
أحدهم في مجلس كنت حاضره تصدى للكلام قائلاً: أما سمعتم وقرأتم ما قال فلان، وأخذ يسرد ما قال ذلك (الفلان) من قول مسيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فبادرته قائلاً: أعرفك فيما مضى صامتاً في المجالس، لا تحسن الكلام في شيء، ولا تعلِّق على شيء، فما بالك أصبحت اليوم ناطقاً جهوري الصوت؟ تسرد على مسامعنا هذا الهراء الذي نطق به ذلك السفيه؟ عشرات المجالس رأيتك فيها جالساً لا تنطق، يدور فيها الحديث عن القرآن والسنة، وتجري فيها الأفكار النيرة والمواعظ المؤثرة، وأنت صامت لا تنطق، ولم أسمعك تتلو آية من القرآن، ولا حديثاً من السنة، ولا كلمة نافعة من أقوال العرب أو العجم، فما بالك اليوم أصبحت ناطقاً رسمياً تنقل على مسامعنا هذا الكلام البذيء؟
أيها الأحبة، أميتوا أقوال السفهاء، ولا تكونوا لها أبواقاً مروِّجين لسوئها وباطلها، ولا تكونوا مطبلين لها من حيث لا تشعرون، أميتوها على ألسنتكم، وفي مجالسكم ومنتدياتكم، أميتوا أسماء أصحابها على أفواهكم، فإن هذا أقل ما يجب عليكم في مثل هذه الحالات.
إن إماتة الباطل بعدم الترويج له متحققة، أما إماتته بالعقاب الصارم من أصحاب السلطات فهي الإماتة الحقيقية؛ لأن الله يزع بالسلطان في بعض المواقف ما لا يزع بالقرآن، كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه.
إشارة:
إذا لم تستطع الرد على الباطل فلا تكن بوقاً له.