استضافت لندن الشهر الماضي مؤتمرا دوليا عن الصومال شاركت فيه 55 دولة ومنظمة دولية وصدر عنه بيان ركز بشدة على نشاط القراصنة الذين يتخذون من الصومال قاعدة لهم كما ركز البيان على ضرورة عودة الاستقرار إلى تلك الدولة المنكوبة. والحقيقة أن التركيز على القضية الأولى وهي قضية القرصنة أمر مفهوم في ضوء مقتل 62 بحارا خلال السنوات الأربع الماضية ووقوع حوالي 200 هجوم للقراصنة على السفن خلال العشرة أشهر الأولى من العام الماضي ووصل متوسط الفدية التي تم دفعها إلى 4 ملايين دولار لكل سفينة. ولكن إذا لم تصبح جهود مكافحة القرصنة جزءا من خطة شاملة لمساعدة الصومال في إقامة حكومة قادرة على القيام بمهامها الحقيقية فلن تنجح هذه الجهود. وقد بلغت نفقات شركات النقل البحري العملاقة في العالم من أجل مكافحة القرصنة في مساحة من البحار تعادل مساحة القارة الأوروبية حوالي ملياري دولار سنويا. كما أن الكثير من الدول وافقت على تزويد السفن التجارية بحراس مسلحين للتصدي للقراصنة. وعلى الجانب السياسي فقد أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا رقم 2036 في 22 فبراير الماضي لتوسيع التفويض الممنوح لقوات الاتحاد الإفريقي في الصومال بما يتيح زيادة حجم القوات المنتشرة هناك. في الوقت نفسه لم يشر البيان إلى معايير الحراسة على متن السفن التجارية ولا قواعد الاشتباك على هذه السفن ولا حدود المسئولية عن أي أضرار تلحق بأي طرف ثالث نتيجة المواجهة بين القراصنة وحراس السفن.
ثانيا: استبعد البيان منح الحصانة لأي قراصنة لكنه تجاهل زعماء الحرب الذين يدمرون الصومال.
ثالثا: التعامل مع الملف الصومالي عسكريا تجاهل تماما حقيقة عدم وجود حكومة ذات سيادة بالفعل هناك. ففي حين حضر ممثلون للحكومة الاتحادية الانتقالية الصومالية مؤتمر لندن كان هناك أيضا ممثلون للأقاليم الشمالية الثلاثة. علاوة على ذلك فإن مجلس الإدارة المالية المشترك الذي أنشأه المؤتمر سوف يعني عمليا إخضاع الشئون المالية الصومالية للسيطرة الغربية.
في جنوب الصومال حيث تدور معارك دامية بين القوات الحكومية والقوات الإفريقية المساندة لها من ناحية وفصائل المتمردين من ناحية أخرى نجحت الحكومة الاتحادية الانتقالية في استعادة السيطرة على أغلب مناطق العاصمة مقديشيو من قبضة حركة الشباب المتطرفة ولكن القوات الكينية والأثيوبية المؤيدة للحكومة الانتقالية لن تغادر مقديشيو قريبا خاصة وأن استمرار الصراع المسلح بالقرب من الحدود الكينية يمكن أن يلحق ضررا بالغا بالنشاط السياحي في كينيا. والمؤسف أن بيان مؤتمر لندن لم يشر من قريب أو بعيد إلى الحاجة لإقامة بنية تحتية حقيقية في الصومال تتيح ازدهار المجتمع المدني في البلاد الخاضعة لسيطرة القبلية بما يتيح تحقيق المصالحة السياسية التي تحتاج إليها الصومال. والحقيقة أن المؤتمر ركز بصورة أكبر على المخاطر التي تمثلها القرصنة بالنسبة لحركة النقل البحري وليس على مشكلات الصومال. وهذا خطأ جسيم لأن المؤتمر تجاهل حقيقة أن حل مشكلات البحر أمام الصومال لا يوجد إلا على الأرض الصومالية.
*افتتاحية (ذا هندو) الهندية