أثــار قــرار السماح للعزاب بدخول المجمعات التجارية بعد حالة من المنع استمرت سنوات تساؤلات كانت غائبة عن البال، فلماذا كان المنع هل فرض لأنه كان الحل الأسهل؟ هل كان بسبب الخوف من مضايقة الشباب للنساء أم لعدم وجود أنظمة صارمة تردع المخالفين, أم أن الأنظمة المعمول بها قديمة وضعيفة الأثر في ردع المتجاوزين، أو لأن الأنظمة موجودة ولكن السوء يأتي من التطبيق بأسباب منها المجاملات والمحسوبيات وضعف أصحاب القرار في المؤسسات التنفيذية وخوفهم من العواقب وإيثارهم للسلامة؟
هذه التساؤلات في محلها تماماً، فهناك حالات طارئة لا توجد القوانين الواضحة للتعامل معها, وحالات أخرى تطبّق عليها أنظمة قديمة تجاوزها الزمن وتحتاج لتعديل, ووقائع يتم التعاطي معها بأساليب متباينة تخضع للتقدير الشخصي فقد يصدر بحق مخالفين أو متجاوزين لحالة واحدة حكمين على درجة كبيرة من الاختلاف لغياب النظام الواضح, وأغلب الحالات التي يتم فيها المنع يكتنفها الغموض, فقد لا يكون بيد المسئول صلاحيات أو أن ما بيده من عقوبات تبلغ درجة من الضعف الذي لا يؤدي إلى التخويف أو الردع لذا يبادر المسئول لاتخاذ قرار المنع وباب يجيك منه الريح سده واستريح, ولذلك فمعظم المتخوفين من دخول العزاب للمجمعات بسبب غياب الأنظمة أو ضعفها أو سوء تطبيقها أو من التدخلات والوجاهات التي تتداخل في بعض الأحيان لمنع تطبيق النظام على أبناء عائلات متنفذة ومن علية القوم فيخرج القوي من الموضوع مثلما تخرج الشعرة من العجين ويقع في المصيدة الضعيف المسكين.
يوجد حالات ما زالت العقوبة المفروضة فيها ضعيفة أو تجاوزها الزمن, فهل تقرير مبلغ 500 ريال على قاطع الإشارة يكافئ حجم الجريمة، فمن ينظر للحجم الضئيل للعقوبة يبدو أمامه قطع الإشارة سلوكاً عادياً, ولكن من يقرأ هذا السلوك المتهور بوعي وإدراك سيقيم هذا السلوك على أنه جريمة قد تؤدي لحادث يذهب ضحيته أكثر من إنسان وبالتالي فإن حجم العقوبة لا بد أن يكون موازياً لحجم الجرم المقترف.
لنأخذ حالات التحرّش التي قد تحدث في الأسواق والمجمعات و بعض الأماكن العامة ومن بعض السائقين هل يوجد نظام قوي يعالج مثل هذه الحالة فيكافئ حجم الجريمة وهي لمن يقدرها يدرك مدى الآثار النفسية والجسيمة التي تتركها في المتحرّش بهم على المدى الطويل, فالسجن لأيام معدودة والغرامة البسيطة لن تؤدي إلى القضاء على هذه الظاهرة، بل إنها تشجع المجرمين على اقتراف المزيد.
لدينا جرائم ومخالفات تحتاج لحصر ودراسة وتقرير عقوبات تكون حلولاً جذرية لا مسكنات, وهذا المدخل يقودنا لطرح أسئلة كثيرة عن حالات ربما وقعت أو قد تحدث مستقبلاً وتجاوزات ارتكبت وما زال الناس بانتظار ما سيصدر بشأنها ومنها العقوبة المنتظرة بحق مفحط حي السويدي بمدينة الرياض والذي أزعج سكان الحي لأكثر من ثلاثة أشهر وقبض عليه أخيراً فعلى حجم العقوبة ستظهر آثار الردع, والسؤال نفسه عن العقوبة التي ستتخذ بحق عصابة سلب الحقائب اليدوية للنساء والمكونة من سعودي وثلاثة وافدين, العقوبات الرادعة ستحفز رجال الأمن على مضاعفة الجهود للإطاحة بالمزيد من المجرمين.
أمامنا حالات كثيرة يتطلب أمرها سن قوانين واضحة وغير قابلة للتأويل، وجرائم يفرض الزمن مضاعفة أحكامها، وتجاوزات وتعديات تحتاج لصرامة وقوة في تطبيق الأنظمة عليها.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15