بكين - منير الحافي:
ستة وعشرون صحافياً عربياً مدعوون إلى الصين في ما يسمونه «دورة تعريفية لمسؤولين إداريين متوسطي ورفيعي المستوى من الإذاعات والتلفزيونات العربية» على البلد العملاق شعباً وتاريخاً وحضارةً وجغرافياً.. تحدث العرب في اللقاءات عن مهنتهم في مجالات الإذاعة والتلفزيون والصحيفة والإنترنت، وسمعوا من زملائهم الصينيين عن خبرتهم، في بلد وصل عدد مستخدمي الإنترنت فيه عام 2011 إلى 500 مليون شخص أما مستخدمو الهاتف الخلوي فحوالى مليار حتى الآن! لا أريد الغوص في هذا المقام بالأرقام الصينية المذهلة في كل شيء، لكن أريد التأكيد على نقاط معينة.
النقطة الأولى هي لغة التواصل. تحدثنا مع زملائنا الصينيين عموماً بلغتنا العربية. صدقوا أو لا تصدقوا أن هناك في العالم من لا يزال يؤمن بأن اللغة العربية هي لغة «عالمية» في زمن التقهقر العربي. أنا شخصياً يبقى الأمل لدي، كالصينيين. يتعلم الصينيون لغات أجنبية يعتبرونها فاعلة ومنتجة، كاللغة العربية.
وفي معهد اللغات الأجنبية يقبل العشرات على تعلُّم لغة الضاد، فيتخرجون عاملين في الخارجية الصينية وفي القسم العربي من الإذاعة الصينية الدولية وفي القسم العربي من تلفزيون الصين الدولي. «عالمية» لغتنا العربية جعلتنا نسترجع فخراً نسيناه، بتاريخنا العربي المجيد. ويذكرنا الصينيون كيف أن اللغة العربية والإسلام دخلا الصين عبر التاريخ عبر التجار العرب.
وفي الصين اليوم حوالى 22 مليون مسلم يتحدث العديد منهم اللغة العربية. وقد زار الوفدُ العربي مسجداً تاريخياً في العاصمة الصينية هو مسجد نيوجيه، وصلى المسلمون صلاة الجمعة جنباً إلى جنب مع مسلمين صينيين. النقطة الثانية، أن الصينيين يصرون على صداقتهم بالعرب على الرغم من إقامتهم علاقات «ديبلوماسية» مع إسرائيل في العام 1992. «هناك فرق كبير بين علاقاتنا الأخوية مع العرب وعلاقتنا مع إسرائيل». يقول مسؤول إعلامي كبير في إذاعة الصين الدولية. يحدثنا بلغة عربية فصحى وأنيقة عن دعم الصين الدائم للقضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين وحق استرجاع الأراضي المحتلة. النقطة الأهم، موقف الصين من الوضع السوري ومن الربيع العربي خصوصاً. الصحافيون متلهفون للقاء موفد الصين الخاص إلى الشرق الأوسط «وو سيكيه» الذي يعرف ما يجري في أروقة لقاءات كوفي أنان في الصين، وهو نفسه كوّن ملفاً كبيراً بعد جولة له في المنطقة ولقاءاته مع مسؤولين في الحكومة السورية ومن المعارضة. يقول وو سي كيه، إن الإصلاح والتنمية والاستقرار هم «الثالوث» الذي تُبنى عليه الدولة. ويأخذ الصين مثلاً لذلك، وهي التي أثبتت تجربتها الشيوعية النجاح الاقتصادي في العالم. ففي الصين، 56 قومية مختلفة يعتنق عشرُ قوميات منها الدين الاسلامي و»يتمتع أبناؤها بالمساواة» فيما تأخذ القوميات الكبرى حق «الحكم الذاتي» في بعض المقاطعات.