يقول عالِم الاجتماع العربي د - علي الوردي “ إذا امتلأت النفس بالعقد والرغبات المكبوتة صعب على صاحبها النجاح في معاملة الناس، لأن قواه الخارقة لا تكون إذ ذاك نقية أو حرة في عملها؛ فهي تختلط بما يتاخمها من العُقد والعواطف المغلوطة”.
وفي وقتنا الراهن بدأت معظم الدول والمؤسسات المتخصصة بالاهتمام بالصحة النفسية، والعمل على زيادة المستشفيات النفسية للزيادة الكبيرة في أعداد المرضى النفسيين، نظراً لانتشار الأمراض النفسية عالمياً، فحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن نحو 5% من البشر يعانون من أمراض نفسية متفاوتة، أي نحو400 مليون إنسان في عالمنا المعاصر يعانون من اضطرابات وأمراض نفسية، وهو رقم كبير ومخيف، وذلك غير الأفراد الذين لديهم عقد نفسية متفاوتة (غير المرضى النفسيين).
وحسب ما أوضحه مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية في وزارة الصحة د/عبدالحميد الحبيب، (بأنه يوجد في المملكة نصف مليون مريض نفسي يراجعون العيادات النفسية المتخصصة، ونسبة المرضى النفسيين المنوَّمين تتجاوز العشرين ألف مريض، كما أن هناك أعداداً كبيرة من المرضى النفسيين لا يجرؤون على عرض أنفسهم للعيادات النفسية لأسباب مختلفة).
والملاحظ أن معظم الناس يهرعون إلى الطبيب عندما يلمّ بهم مرض بدني، ولا يدركون أن العقد النفسية التي يعانون منها أشد خطراً على صحتهم البدنية، حيث ثبت علمياً وبناءً على الدراسات الطبية الحديثة أن كثيراً من الأمراض البدنية منشأها أمراض نفسية. كما أن الصحة النفسية تساعد على نجاح الأفراد في حياتهم الشخصية، وبناء علاقات اجتماعية ومهنية طبيعية، وأعتقد أن العديد من الصراعات، والمشاكل الاجتماعية في المجتمع، وفي العلاقات الإنسانية، وفي بيئة العمل، يكون مردها إلى هذه العقد النفسية، التي تخلق من أي موقف بسيط مشاكل تتراكم في النفوس المتعبة، فلا يستطيع الفرد التخلص منها، وتظل هاجساً يشغل تفكيره، ويشلّ من قدراته الذهنية والمعنوية، فيصبح فريسة سهلة للعقد النفسية والأمراض. وربما لا يدرك البعض أن شريحة من البشر يبدون طبيعيين ولا يبدو للآخرين عليهم أي شائبة، ولكنهم يعانون من هذه العقد النفسية بدرجات متفاوتة، وفي هذا السياق فإن من أبرزها اضطراب الشخصية، وأهم أعراضها، العدائية، والشك، وتقلّب المزاج، والشعور بالدونية.
وخلاصة القول، أن الصحة النفسية بالغة الأهمية، والواضح أن هناك نقصاً في العيادات النفسية المتخصصة، وعلى وزارة الصحة زيادة المستشفيات النفسية في المملكة لتواكب الزيادة الكبيرة في أعداد المرضى النفسيين، وعلى الأفراد الاهتمام أكثر بصحتهم النفسية.