قضايا التعليم الجامعي أصبحت كرة من نار تتقاذفها جهتان هما: وزارة التعليم العالي, والجامعات، فالجامعات تقول إنها مقيدة بأنظمة ولوائح وقيود وزارة التعليم العالي, أما الوزارة فترد بالقول إن ما يحدث بسبب فشل بعض سياسات الجامعات وعجزها عن حل مشكلاتها كونها - أي الجامعات - مستقلة مالياً وإدارياً.
المواطن قد لا تعنيه التبعية الإدارية ومن المتسبب بقدر ما يعنيه الخدمة التي يجب أن تتناسب مع الأموال التي تدفعها الدولة لميزانيات الجامعات.
وزير التعليم العالي د. خالد العنقري وجد نفسه وسط جامعات كبرت فجأة على الرغم من أنه خطط لها، لكنها خلال (8) سنوات انتقلت من أرقام ما دون العشرة إلى (25) جامعة حكومية و(8) جامعات أهلية وفتحت برامج قوية هي برنامج الملك عبد الله للابتعاث الخارجي, وبرنامج الملك عبد الله للمنح والابتعاث الداخلي, وإنشاء (20) مدينة جامعية.
نائب الوزير د. أحمد السيف دخل في عنكبوتية أو غابة المدن الجامعية ووجدها مدناً للطلاب في مراحلها الأولى، والمرحلة الأولى قد يحتاج تنفيذها (10) سنوات وأن البنات الطالبات وعضوات هيئة التدريس لم يبنَ لهن مدن جامعية مماثلة للطلاب وهذه بالذات كرة نار متدحرجة بين الجامعات والوزارة وإن كانت جامعتا الإمام محمد بن سعود وجامعة الملك سعود لم تنتظرا هذه اللحظة الحرجة وشرعتا في بناء المدينتين الجامعيتين للطالبات, في حين أن بعض الجامعات سكتت عن المدينة الجامعية النسائية والبعض الآخر لم يقبل طالبات أصلاً, والبعض خصصت المدن لطلابها بكل ما فيها من مزايا وإمكانات.
إذن، هل مدينة جامعة نورة التي بنتها وزارة المالية خلال سنتين هي من أشعل الحريق أم هي كليات البنات وعددها (102) مائة واثنتين التي انتقلت عام 1428 من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة التعليم العالي ثم إلى الجامعات انتقلت بكل (دقها وجلالها) الميزانية المالية والمباني والأراضي والموظفين والموظفات والطلاب والطالبات هل هي من سبب هذه الحرائق, بعد أن رفعت على الرفوف وتم الاكتفاء بضمها للجامعات دون أن يتم التعامل مع الكليات بموضوعية كونها كياناً مستقلاً لمنسوبيها (300) ألف طالب وطالبة وأعضاء هيئة التدريس طموحهم وتطلعاتهم.
الملك عبد الله - حفظه الله - عمل الكثير من أجل التعليم العالي ومن أجل الطلاب حتى ارتبط تطوير التعليم بالملك عبد الله باعتبار التعليم واحدا من الإنجازات العظيمة التي عملها لبلادنا وعلى سبيل المثال في التعليم العالي: إنشاء جامعات المناطق والمحافظات ومجمعات الكليات الجامعية, إنشاء المدن الجامعية في (20) جامعة إما استحداث مدن جديدة أو استكمال منشآتها, وإنشاء جامعة للمرأة مستقلة بإدارتها ومدينتها, وابتعاث الطلاب إلى جامعات عالمية, ومنح دراسية لطلاب الداخل... ونظراً لأن إرهاصات المشكلة الحالية في الجامعات السعودية تدور حول استيعاب طالبات كليات المعلمات وتحسين البيئة التعليمية للطالبات من مبان جامعية وقاعات وكليات جديدة وفرص وظيفية في الكليات الجديدة والتأثيث والمرافق, ونظراً لما للملك عبد الله من دور كبير وجبار في نقل التعليم وتطويره فإنه من المناسب إيجاد مشروع مماثل لمشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام ومشروع الملك عبد الله للابتعاث ومشروع الملك عبد الله للمنح، وذلك بإطلاق مشروع الملك عبد الله للمدن الجامعية للطالبات في جامعات المناطق والمحافظات والجامعات الناشئة ويخطط لها سريعاً ويباشر التنفيذ إما على المدن القائمة حالياً أو يخصص مواقع جديدة لمدن جامعية للطالبات.