على الرغم من أن مقترحات السلام للمبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان قد جلبت أملا لحل الأزمة السورية، لكن إذا نظرنا إلى العوامل الداخلية والبيئة الخارجية، سنجد أن مخاطر استمرار تأزم الوضع السوري لم تختف بعد. وقد أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 29 مارس الماضي، تحذيرا بأنه لم يعد هناك وقت يمكن تضييعه، وان العالم ينتظر أن تحول الحكومة السورية وعودها بقبول مقترحات عنان إلى تحركات فعلية.
في الوقت نفسه، لم يتراجع الدعم الإنساني ومختلف أشكال الدعم الأخرى التي تقدمها الدول الغربية للمعارضة السورية، ولم تظهر إلى حد الآن إرادتها السياسية في الحل السلمي.
بالنسبة للحكومة السورية، بدا أن تدخلها العسكري للقضاء على تحركات المعارضة المسلحة يضيق شيئا فشيئا، لذلك فإن الحكومة السورية ستواجه ضغوطا كبيرة، يمكن القول انها غير مسبوقة.
تواجه مهمة الأمم المتحدة تحديات جديدة حيث ترى بعض الدول الغربية أنه عندما تتعرض حياة شعب ما إلى مخاطر كبيرة، ولا يكون بإمكان حكومة تلك الدولة الاضطلاع بمهمة حماية الشعب، فإن للمجتمع الدولي الحق في تحمل «مسؤولية الحماية»، وهو ما يسمى بالتدخل الإنساني. لكن إذا أمعنا النظر، سنجد أن حدود هذا النمط من التدخل الإنساني غير واضحة تماما.فغالبية الدول النامية لا تعارض التدخل الإنساني، وإنما تخشى أن تقوم الدول التي تمارس حق التدخل بإقحام مصالحها الشخصية داخل القضية، ويتحول بذلك التدخل الإنساني إلى تدخل في السيادة، الأمر الذي قد يعقد حل المشكلات التي تركها التاريخ بين القوميات والطوائف.
وقد أثبتت التجارب السابقة، أنه بمجرد أن يُسمح لمجلس الأمن بالتدخل، تقوم بعض الدول الغربية بالتدخل وفقا لأجندتها الخاصة، الأمر الذي يخلف كوارث إنسانية كبيرة.
إن جعل مقترحات كوفي عنان تتحول إلى منعرج فعلي في الحل السياسي للأزمة السورية يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي.
وهذه هي المسؤولية الحقيقية تجاه مستقبل مصير الشعب السوري، كما يعد تجربة صعبة سيعرض من خلالها المجتمع الدولي قدرته على التحرك على أساس حماية أهداف «ميثاق الأمم والمتحدة» والمبادئ الأساسية.
افتتاحية (ذي بيبول) الصينية