بعد قراءة لخبرين نشرا في الأيام الماضية عن اكتشاف هضم مواطنين لحقوق عامل وعاملة آسيويين في محافظتين مختلفتين وقد أمضى كل منهما أكثر من 15 سنة في الخدمة دون مرتبات سوى أشهر قليلة، وحرمانهما (على حد قولهما) من التواصل مع ذويهما إلا لمرات قليلة جداً على مدى تلك السنين ومنعهما من تجاوز حدود مواقع العمل والقرية، فيمكن استخلاص نقاط ربما جالت في أذهان كثير من المواطنين والمتابعين، وسأدون هنا بعضاً منها:
برزت عدالة الجهات المختصة مع الحالتين وما ماثلهما في أوقات سابقة، وبسرعة قياسية وتم تحديد مستحقاتهما والتواصل مع كفيليهما وطلب حضورهما الفوري والتحقيق معهما واخذ التعهدات والضمانات لتسديد كافة المستحقات.
التعامل بشفافية ووضوح مع هذه الحالات وهو مستمد من توجيهات القيادة العليا الشمولية للمواطن والمقيم على حد سواء، لكنه لم يقابل من الإعلام في موطن هذين العاملين ولا من وجدوا الرعاية والإنصاف قبلهم بالثناء والشكر وإبرازه ولو من قبيل المجاملة، في حين أن هذا الإعلام في الدول التي نستقدم منها العمالة لا سيما المنزلية يخضع لضغوط مكاتب وسماسرة تسفير وتشغيل العمال وإجبارها على التعرض للمملكة إعلاميا فيما يخص الأنظمة والقوانين وهم أكثر من يتشدد بها ثم يخالفها، وذلك في إطار فنون الابتزاز والخروج عن سراط العدل في هذا المجال.
دور السفارات غائب وكأنها تتجاهل الالتفات لمثل هذه الحالات لكنها تعمد لتسفير من يفرّ من كفيله من رعاياها دون الرجوع للكفيل ومعرفة المشكلة وقد يكون العامل الهارب هو المخل بالعقد وأنظمة الإقامة والعمل،وهذا يحدث كثيراً والسفارات لا تجهله وتتعامل بسلبية مفرطة لا تخدم مصالح الطرفين.
إعلان الجهات المختصة بالمملكة عن هذه الحالات اعتراف جميل وواقعي بأن بعض المواطنين هنا لا يحسنون التعامل مع الوافدين والعاملين لديهم، وهاهي تعلن حالات من الظلم وسلب الحقوق المادية والمعنوية وتصرح بالإجراءات المتخذة لإحقاق الحق، وهذه من الفضائل التي نحمد عليها باعترافنا بالخطأ ثم تصويبه، ولكننا نطالب الجهات المقابلة بأن تعاملنا بالمثل ولا تدافع بالباطل عن مواطنيها ممن يقترفون الجرائم، واختلاق الأعذار الواهية لهم والإغضاء عن تشويه صحافتهم لنا مما يشجع عمالتهم على مزيد من التجاوزات.
يبدو أن كثيراً من العمالة لا سيما في القرى والأرياف يمضون سنوات من العمل وهم في راحة تامة ورغبة في المقام، لملائمة الأعمال والطبيعة للبيئات التي قدموا منها وتعودهم عليها وللحوافز الجيدة التي يجدونها من أرباب العمل والعيش الرغيد والحياة البسيطة والفضاءات الواسعة التي تنسيهم الوقت وتبعد عنهم الهموم حتى إذا ما حصل أي مشكل بسيط أو ألحّ عليهم ذووهم بالقدوم يبدؤون التفكير بالعودة وطلب المستحقات التي تراكمت ومعها يتحوّل الأمر إلى قضية كالتي قرانا عنها، وهذا غير مبرر فلا بد من إجراءات تضبط الأمور وتحفظ لكل طرف حقه بعيداً عن التهم والتشكيك والطمع والتهرب المتبادل بين الخادم والمخدوم، ولابد من تضافر جهات عدة لإقرار لوائح وأنظمة تحيط بمجمل هذه المشكلات.