إنَّ إبداء الرأي بحرية مما يؤدي إلى تقدم الأمة واستفادتها من الآراء الطيبة الناصحة، وقد جاء الإسلام بحرية الرأي؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة). قلنا لمن؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). أخرجه الإمام مسلم من حديث تميم الداري، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذ رآه أو شهده، فإنه لا يقرب من أجل، ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكِّر بعظيم) وإنه مما يلاحظ على بعض الكتاب _هداهم الله للحق - أنهم لا يلتزمون بالضوابط الشرعية عند طرح آرائهم في الصحف وغيرها بدعوى أن ذلك من حرية الرأي ومعلوم أن حرية الرأي في الإسلام ليست مطلقة؛ بل هي مقيدة بضوابط تحقق النفع للمسلمين وتحفظ مصالح الفرد والمجتمع، ومن هذه الضوابط:
1- ألا يكون هذا القول والرأي طعناً وتعدياً على دين الله ورسوله والداعين إليه والمتمسكين به؛ لأن من أعظم ما جاء الإسلام بحفظه هو حفظ الدين.
2- ألا يكون في هذا الرأي قول على الله أو خوض في دينه بلا علم قال تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ .
3- ألا يكون في هذا الرأي تشكيك في المعتقدات أو نشر للإلحاد أو تفريق للأمة أو دعوة للخروج على ولي الأمر الذي بايعه المسلمون.
4- ألا يكون في هذا الرأي دعوة إلى المعاصي أو الفساد أو انتهاك الحرمات وإفشاء الأسرار. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .
5- أن يكون هذا القول والرأي طيباً بعيداً عن العدوان والفحش وبذاءة اللسان، كما قال الله تعالى: وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ .
6- أن يكون هذا القول والرأي صادقاً بعيداً عن الكذب والظن، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ .
7- أن تكون الدعوة إلى هذا الرأي بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يجادل بالتي هي أحسن كما قال تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ .
8- ألا ينشر رأيه إذا تيقن أو غلب على ظنه أنه سيؤدي إلى مفسدة أو حصول فتنة بين الناس إذا كان هذا الرأي لا يتعلق به حكم شرعي مما أوجب الله بيانه وحرَّم كتمانه.
9- أن يكون هذا الرأي مبنياً على تحري الحق والعدل وعدم تلبيس الحق بالباطل كما قال تعالى: وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ .
10- أن يقوم هذا الرأي على الإخلاص لله والعمل لرفع شأن الإسلام دون النظر إلى الأمور الشخصية والمنافع الذاتية والدعوة إلى العصبيات القبيلة.