حين نتجول في كثير من المدن والأحياء نجد مباني كثر قد أحاطت بها ألواح عالية من الصاج أو ارتفعت أسوارها بشكل مبالغ فيه، مما يثير في نفسك حب الاستطلاع لمعرفة من يسكن خلف هذه الأسوار ولم كل هذه الألواح ولم كل هذه الارتفاعات؟
وقد حاولت كثيراً تفسير هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا العربي فوجدت أن كثيراً ممن يقومون بتعلية الأسوار وبناء السواتر والحواجز يقومون بذلك من أجل التستر عن أعين الجوار والبقاء في معزل عن الآخر، خوفاً أو تجنباً لحدوث مشكلة أو أي شيء آخر مجهول، وقد انتابني إحساس أن رافع هذا الحاجز وبانيه يريد أن يسجن أعين الناس عن رؤيته ولكن ما حدث هو العكس فقد أصبح هو المسجون والناس كلهم في الخارج سجانون له، هو من يخاف منهم ويبتعد عنهن، أعترف أن هناك كثيراً من المشكلات حدثت بسبب تلصص المتلصصين على جيرانهم ولكن هذا لا يعنى أن نرفع ونرفع في الحواجز، بل إن هناك من لا يكتفي ببناء جدار عال حول بيته فقط بل يبنى جداراً عازلاً حول ذاته فيراه الناس كأنه مخلوق من عالم آخر وبمجرد زوال جزء من هذا الحاجز تكتشف الخواء الذي عليه هذه الشخصية، وأن عوازله وحواجزه لم تمنع من حوله من اكتشاف الهلامية التي تحيط بشخصيته فعلينا أن نهدم حواجزنا نفسية كانت أو مادية وأن نتعايش مع من حولنا بحلوهم ومرهم ونعود إلى زمن الصحابة الذين كانت بيوتهم بلا حواجز أو موانع.