انتصرت الجامعة الإسلامية للغة العربية في وقت هي بأمسّ الحاجة للانتصار لها! ويأتي اهتمام الجامعة بهذه اللغة المجيدة نتيجة لانحسار مد أوجها، وانطفاء شمعة مجدها بسبب تخلي أغلب أبنائها عنها، وتنصلهم عن الانتماء لها والافتخار بها، واستبدال لغات أخرى مجدبة في معانيها فقيرة في ألفاظها بها!!
استقطبت الجامعة عدداً كبيراً من الأساتذة الباحثين والباحثات في اللغة العربية من جميع أصقاع المعمورة للمشاركة في المؤتمر العالمي الأول الذي استعدت له منذ أكثر من سنتين، فأجاد حتى المشاركون من غير العرب في تشخيص الداء ووضع الدواء، وعتبوا بمرارة على العرب بتخلي بعضهم عن لغتهم الخالدة التي اختصها الله بالقرآن دون سواها!!
وكان المؤتمر بحق استثنائياً من حيث عدد المشاركين والمشارِكات وتنوع الموضوعات وجزالتها وتعدد المداخلات غير التقليدية التي عادة ما تتباكى على اللبن المسكوب دون التشخيص الواعي، وإيجاد الحلول العملية، ووضع التوصيات النافذة، فضلاً عن أن المؤتمر كان خفيفاً لطيفاً منذ ساعة افتتاحه حتى إغلاق جلساته الماتعة، ولاسيما مشاركة الطالب النيجيري حمزة علي إبراهيم بقصيدته الجميلة بل المبدعة والطريفة، التي دعا فيها المشاركين إلى زيارة بلده بكل اعتزاز به، وبطبيعتها الساحرة وحتى وحوش وثعابين غاباته، وهذه الميزة ما فتئت الجامعة تغرسها في جميع منسوبيها من غير المواطنين. فتشك - لشدة التنافس - بماهية انتمائهم، هو هل للجامعة وللمملكة، أم لمساقط رؤوسهم ولبلدهم الأم؟! ويبقى امتنانهم لهذا البلد الكريم وانتماؤهم لبلادهم حاضراً!
والحق أن مَنْ يُدعى لمؤتمر في الجامعة الإسلامية فهو مغبوط، سواء بالمشاركة أو الحضور لفعاليات المؤتمر البعيد عن النمطية المعتادة في مثل تلك المؤتمرات، أو بحميمية استقبال مديرها والفريق المساعد له وبحسن الوفادة، حتى ليتحول اسم صاحب المعالي من منصب إلى شخص تسكنه المعالي الحقيقية بالتواضع والحضور بين صفوف ومقاعد ضيوفه وتفقدهم دون شكليات المنصب ووجاهته!!
ويسبق مميزات مؤتمرات الجامعة الإسلامية وبرامجها الثقافية وجود الحرم النبوي الشريف واغتنام أداء جميع الصلوات فيه؛ لحرص إدارتها على إسكان الضيوف بالفنادق المطلة على الحرم، وتمكين المشاركين من خارج المملكة من أداء العمرة في مكة المكرمة بإشراف الجامعة، وتحملها التكاليف كافة. ويعود المشاركون لبلدانهم يحملون ذكريات جميلة عن بلادنا وكرماً غير محدود من أبنائها الذين يعكسون صورة قيادتهم وحرصها على إكرام ضيوفها، حينما يشعر المسؤولون بالدور المطلوب منهم، ويؤدونه بإتقان وإخلاص، فيساهمون مع القيادة الحكيمة في امتداد نظرة الوافدين المحترمة لهذه البلاد الكريمة على أبنائها وعلى ضيوفها. وهو دور سامٍ ونبيل حين يستشعره كل مواطن، ويقوم به كل مسؤول بحكمة واقتدار وتضحية بوقته وجهده.
وهي تحية لكل عمل جميل يستهدف رفعة الأمة والخير للبشرية، وتعميق الألفة وغرس معاني التسامح بينهم في وقت فتكت بهم الفُرْقة والاختلاف بين الناس.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny