هل أضاعت وزارة التعليم العالي فرصة ثمينة (الساعة الذهبية), وهل (فوتت) الجامعات عليها فرصة المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي في دورته الثالثة 2012م ولم تستثمره إعلامياً وتعرض أبرز منجزاتها الأكاديمية والمعمارية: المدن الجامعية والكليات الجامعية والتجهيزات الفنية والهندسية ومدى استيعابها لطلاب الداخل وبرامج الابتعاث والمنح الداخلية.. لا نطلب من وزارة التعليم العالي أن تزيف الواقع أو تجمله أكثر من ما يحتمل.. لا نريده معرضاً إعلامياً لا يتطابق مع القائم، يرتق الواقع ويعالجه بمسحات الأصباغ واللوحات والإضاءة المتعاقبة ولمسات مهندسي الديكور الداخلي.. لكن بالمقابل نجد في القائم الحالي على أرض الواقع في بعض المدن الجامعية من مباني الكليات النوعية والتجهيزات في التخصصات التطبيقية والخدمات الطبية بالمستشفيات والإسكان مفخرة وتستدعي الإبراز والإعلان عنها..
ما حدث أن بعض الجامعات مع أنها تعيش أزمة داخلية ومشكلات متعددة على مستوى المباني والمرافق, أيضاً تعاني مشكلات مع الرأي العام الداخلي بسبب أخطاء إدارية وهندسية وإعلامية لم تستثمر المعرض في إعطاء الصورة الحقيقية من أجل تصحيح الصورة الذهنية السائدة.. أدرك أن وزارة التعليم العالي مع أنها سعت إلى تحقيق أهداف عامة في المؤتمر هي:
أولاً: جمع أكثر من 420 جامعة ومؤسسة تعليمية ومؤسسة تعليم عالي من 39 دولة، و55 جامعة ومؤسسة تعليم عالي سعودية في معرض واحد.
ثانياً: إتاحة الفرصة للجامعات العالمية الاطلاع على النهضة الكبرى التي تعيشها المملكة والتعرف على أنماط وأشكال الجامعات السعودية.
ثالثاً: فتح الأفاق لتعزيز التعاون والشراكات بين الجامعات العالمية وجامعات الداخل عبر الاتفاقات.
رابعاً: تبادل الخبرات الأكاديمية بين الجامعات وفتح قنوات الاتصال.
خامساً: إتاحة الفرصة للطلبة وأولياء أمورهم في التعرف على التخصصات والجامعات العالمية. لكن هذه الأهداف العامة التي أعلنتها وزارة التعليم العالي لا تتعارض مع تحقيق الأهداف خاصة لكل جامعة.. الجامعات خسرت كثيراً عندما شاركت بما تبقى من معرضها العام الماضي مع تعديلات طفيفة حتى أن بعض الجامعات لم تكلف نفسها العناء بإضافات جديدة، بل شاركت بمعرض مكرر ومستنسخ من الأعوام السابقة, وهذا يؤكد أن هناك بعض الأزمات الداخلية في إدارات الجامعات أزمة قيادات جامعية ومخططين وتنفيذيين.. أن إهدار هذه الفرصة النادرة دون عرض المدن الجامعية وما حققته من إنجازات والتعامل مع الرأي العام كما يجب هي بالفعل مشكلة إدارية وتخطيطية تضرب في عمق التخطيط الجامعي واختيار القيادات.. فالرأي العام الداخلي دائماً أقوى من الرأي العام الخارجي، ويحتاج إلى مسؤولين مقنعين وقادرين على إدارة الأزمة.. وإذا لم نعمل مع الداخل في كشف الحقائق وإيضاح المشكلات ومدى إسهامات الدولة في البناء والتعمير فأننا أنقصنا من قضايانا التي يجب أن ندافع عنها وإيضاحها لمجتمعنا المحلي..
كان أمام وزارة التعليم العالي التخطيط ورسم السياسات وكان أمام الجامعات الوقت والإمكانات لتحويل المعرض والمؤتمر في بعض جوانبه إلى نافذة لاطلاع الرأي العام الداخلي على المنجزات المعمارية التي تعتقد الجامعات أنها أحدى النجاحات الوطنية.. هذا النهج تتبعه جميع الدول عبر العلاقات العامة والمعارض والمؤتمرات من أجل استثمار هذه الحشود للتعريف بالإنجازات وكشف الحقائق أمام الرأي العام.. وهذا لا يعني إنني أطالب بتحويل المعرض والمؤتمر إلى لقاء احتفالي وعرس إعلامي بل أنادي الجامعات إلى اختراق الصفوف والرد المهني والعملي على الانتقادات إذا كانت تملك الردود الحقيقية والمنتج الذي يستحق العرض.. كما لا أقلل من جهود الزملاء في الجامعات لكن الساعة الذهبية تحتاج إلى جهد سريع وخاطف قبل أن تحدث متغيرات الجارفة.