القوانين في كل بلد بمثابة الأساسات التي تبني عليها بنيانها ، وبدونه تبقى البلدان هشةً ضعيفة ، فالقانون الذي يحفظ حقوق المواطنين من مستثمرين ومستهلكين هو ما يميز البيئة الاقتصادية في كل بلدٍ عن الآخر ، وهو من يرسم معالم وخطط الاستثمار والإقتصاد.
في بلادنا تتكئ القوانين والتشريعات على عماد الشريعة السمحاء وتنطلق عبر معتقداتنا بأن حكم الله هو الحكم الصالح لكل مكان وزمان ، ولكن يكمن النقص – إن وجد– في صعوبة الإلمام بالتشريعات والأنظمة وغياب التنظيمات الواضحة والصريحة ، ما جعل الحاجة إلى الاحتكام لمرجعيةٍ موحدة ضرورةً ملحةً للأفراد والمنظمات بل وحتى للقانونيين أنفسهم .
وبالنظر في الواقع نجد أن مهنة المحاماة مهنةٌ يتيمة الأب رغم ما تشكله من أهميةٍ قصوى في دعم الازدهار والتنمية ، إذ لا يوجد أي مرجعٍ مهني للمحامي و المستشار القانوني إلا من لوائح وتنظيماتٍ متفرقة وأحياناً لا تعدو كونها حبراً على ورق ، ما جعل تلكم المهنة الجليلة قائمةً على العلاقات والخبرة والاجتهادات التي قد تصيب وقد تخيب .
ناهيك عن أن سوق المحاماة سوقٌ خصبٌ ، إذ أن مؤشر الاستيعاب بحسب متخصصين يبلغ (10.000) محامٍ بينما لا تمثل المكاتب المرخصه سوى 20% فقط بواقع 1611 كما في بيان وزارة العدل في رمضان 1432هـ ، وهذا ما يعطي إشارةً حقيقية على الاحتياج الواضح للمحامين و يؤيد على الانخراط في تلكم المهنة والاستثمار فيها.
ولا شك أن وجود جهةٍ مستقلة بنظامها ولائحتها سيخفف الحمل على وزراة العدل ، لذا فإن الحاجة ملحةٌ لإيجاد « هيئة وطنية للمحامين « على غرار الصحافيين والمهندسين والمحاسبين القانونين ، وعلى غرار تجارب كثيرٍ من البلدان في إنشاء مؤسساتٍ مدنية ونقاباتٍ للمحامين ، بحيث تساهم هذه الهيئة في رفع المخرجات القانونية وتساعد على ضبط أساسيات المحاماة وتناظل لرفع المستوى المهني لدى المحامين و ترعى آلاف المخرجات الوطنية الشابة اليافعة من قطاع الشريعة والقانون والحقوق والأنظمة وتطورها وتصقلها لتقدم نفسها كأحسن ماتكون .
والخلاصة : أننا لانحتاج سوى قرار جريء ومبادرة عاجلة .. فالاهتمام بالقانون وممارسيه سيشعر المستثمر السعودي في قطاع المال والأعمال بكثير من الراحة والسكينة والأمان وسيشعرهم بكثير من الرضا والعطاء والفاعلية وهذا أملنا ورجائنا .
Twitter: @badr_alrajhiwww.badralrajhi.com