تدور السنين، تتغير الوجوه، يذهب جيل ويأتي آخر، ومن بطولة إلى بطولة يمضي الشباب إلى حيث المزيد من حصد الذهب وإلى تذوق مالذ وطاب من طعم الألقاب والمنجزات، يتزين بهاء يضيء رونقا وجمالا، شباب يدوم شبابا وإن لقب اعتزازا واحتراما ب(الشيخ)، فيه ومنه وإليه وباسمه ورسمه ونموذجيته وأصله وفصله وتاريخه وزخم بطولاته يكمن سر شموخه وصموده وتألقه، سره في كنزه النادر الفاخر وصانع أمجاده ورمزه الخالد صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان.. الشباب في سخاء عطائه وفي وفائه لجماهيره وإسهامه وبره لوطنه أخذ من ملهمه وداعمه وتاج رأسه الأمير خالد بن سلطان مكارم الإخلاص والبذل والطيب والكرم والقيم، ومن طبائعه وسيرته وشخصيته معنى الاحترام والانضباط والالتزام وفن العمل والتعامل وروح المبادرة وقوة الإرادة، في استقباله مؤخرا للفريق الشبابي أبهرني سموه بإلمامه بأدق تفاصيل وتدابير وخطوات الليث، شدني ببعد نظره واهتمامه بما هو مفترض أن يكون عليه المستقبل ماليا وفنيا وإداريا أكثر من فرحه وابتهاجه واحتفائه ببطولة غالية ومهمة للشباب.. نهنىء أنفسنا ورياضتنا والوطن قبل الشبابيين بالقيمة والقامة والعلامة الفارقة الأمير خالد بن سلطان، دام سموكم للشباب الحب والخير والنبل والعطاء والوفاء كما أنت دائما وأبدا لوطن يفخر بك ويتباهى بحضورك.. الواقع الجديد تكتسح الأندية الإنجليزية وفي مقدمتها المان يونايتد صاحب المركز الأول للعام الثامن على التوالي قائمة أغنى عشرة أندية في العالم، يعد الدوري الإنجليزي الأقوى والأعرق والأكثر إثارة، هو الثابت والحاضر والشهير على الدوام بينما الدوريات الأخرى تحضر وتغيب، هو الأميز في لوائحه وأنظمته وبرمجته والصارم الحازم في قراراته، سمات أخرى إعلامية وجماهيرية وإدارية وبنية تحتية تجعله الدوري الأفضل ومع هذا نجد الكرة الإنجليزية على مستوى المنتخب مازالت تعيش العزلة والإخفاق ليس فقط على صعيد نهائيات كأس العالم وإنما كذلك في أمم أوروبا وغيرها من بطولات الناشئين والشباب والدورات الأولمبية.. إذا كان الكثير من المحللين والنقاد والخبراء الفنيين يرددون دائما مقولة (الدور القوي ينتج منتخبا قويا) فنتمنى منهم أن يفسروا لنا الغازا وأسرار مايحدث في إنجلترا، خاصة أننا أمام حالة ظلت مستمرة وقائمة لعقود طويلة وليست نتاج مرحلة بعينها أو ظروف استثنائية لاتعطي حكما منطقيا جازما، شخصيا أرى أن هه المقولة قديمة وتنطبق على الدوري أيام ماكان للهواة، أما اليوم وفي زمن الاحتراف فإن قوة وسلطة الأندية وإمكاناتها المادية واستثماراتها الاقتصادية تفوق وتتفوق على الاتحاد نفسه، كما أن الجماهير ترتبط وتتفاعل وتجد الإثارة والإمتاع والإشباع الكروي في النادي المفضل ونجومه أكثر من المنتخب، وكذلك الحال بالنسبة للنجوم فالنادي يوفر لهم المال والشهرة والشعبية وأيضا الأمان والحصانة والحماية بقدر أكبر من المنتخب.. الكرة أصبحت مهنة وصناعة وتجارة، وهذه مجتمعة لاتصلح ولاتنجح إلا في بيئة النادي، ولاترتقي ولاتتطور ولاتنمو إلا في منافسات وبطولات الأندية محليا وقاريا وعالميا، كما أن مفهوم الحاجة لكرة القدم ممارسة ومشاهدة ومتابعة وثقافة ورقي ووعي واستثمار وتأثير إيجابي على المجتمع وشهرة واسعة للبلد ليس ضروريا أن يتحقق من خلال المنتخبات الوطنية طالما أن الأندية مؤهلة وقادرة ومتحمسة للقيام بذلك.. العالم برمته وعلى الدوام بات منقسما تشجيعا وإعجابا وانتماء واهتماما وتفاعلا باتجاه الأندية في أسبانيا وإنجلترا وإيطاليا، بينما لا أثر ولا تأثر بإنجازات وبطولات عمالقة الكرة العالمية على مستوى المنتخبات البرازيل وألمانيا والأرجنتين، لاحظوا كيف يحرص الصغار والكبار على اقتناء قمصان وأرقام ميسي البرشلوني لا الأرجنتيني، ورونالدو الريالي لا البرتغالي، وروني اليونايتدي لا الإنجليزي، وهكذا الأمر بالنسبة للنجوم البرازيليين والألمان والهولنديين في الأندية الشهيرة الميلان والانتر وتشلسي والارسنال وغيرها؟ بل لاحظوا أن كلاسيكو في أسبانيا أو إنجلترا أو إيطاليا، او لقاء مصيري أو نهائي في بطولة الأندية الأوربية أهم وأكثر متابعة جماهيرية من نهائي المونديال و أمم أوربا للمنتخبات؟! أنديتنا ثم المنتخب فيما يخصنا ويهمنا ويفيدنا مما تقدم هو أننا بحاجة إلى أن نعيد النظر في قضية ظلت سائدة ومعمول بها ولا يجوز التنازل عنها وهي أن المنتخب أولا وأخيرا، وأن الأندية يجب أن تتنافس وتنفق الملايين وتخطط وتتعب وتشتهر وتتعاقد مع أفضل اللاعبين والمدربين ليس لتحقق لنفسها ومحبيها وجماهيرها صيتا وألقابا وأمجادا تبرزها وتميزها عن غيرها، وإنما لتكون داعمة ومطورة للمنتخب لأنه الغاية والهدف والمعيار لنجاح الكرة السعودية أو فشلها، الأمر الذي جعل اتحاد الكرة بلجانه وهيئاته يضع المنتخب في مقدمة اهتماماته وفي صميم صياغة برامجه ونوعة قراراته ومخططاته القريبة والبعيدة المدى، لدرجة أنه ضحى وتسبب في حرمان ناد كالهلال وفي مواقف عديدة من نجومه الدوليين ومن إحراز بطولات عربية وآسيوية بحجة أن لديهم معسكر إعداد مع المنتخب..! لا بل إن إخفاق المنتخب في بطولة ما يعني أن هنالك كارثة كبرى وقعت على عموم الكرة السعودية، وأن كل التدابير والكوادر الإدارية والفنية لابد أن تتغير، في حين أن تفوق وإنجاز ونجاح ناد سعودي قاريا أو عالميا في التوقيت نفسه أمر لايعنيه ولايشكل له أية قيمة أو أهمية تذكر .. الكرة السعودية ليست منتخبا فقط، وما تعجز عنه وتفشل في تحقيقه المنتخبات من الممكن أن تعوضه الأندية متى ما تهيأت لها الظروف والأجواء والتنظيمات الإدارية والمالية والبيئة الاستثمارية التي تساعدها على أن تكون مصدر رقي وارتقاء وإبداع لنفسها وجماهيرها ومجتمعها والوطن بشكل عام، وفي تقديري أن رابطة دوري الأندية المحترفة بمسماها وهيكلتها وبرامجها وأهدافها قادرة على أن توفر هذا للأندية، شريطة أن تعمل وتفكر وتقرر باستقلالية ومن أجل الأندية السعودية المحترفة ولا شيء غيرها.
abajlan@hotmail.com