|
هناك عدد من المرضى الذين لا تناسب حالاتهم عمليات تصحيح الإبصار بالليزك، وحمل التقدم الطبي في العقد الماضي لهؤلاء وسائل رائعة عدة لتصحيح عيوبهم الانكسارية، مثل إزالة العدسة وتعويضها بأخرى ذات قوة مناسبة للعين، وزرع عدسات إضافية ثابتة داخل العين لتصحيح قصر النظر الشديد، وزراعة حلقات داخل القرنية لتصحيح قصر النظر البسيط، وزراعة دعامات في الطبقة الصلبة، أو شرائح رقيقة تزرع في القرنية لتحسين تأقلم العين للرؤية القريبة عند كبار السن.. وللحديث عن هذا الموضوع التقينا استشاريي طب وجراحة العيون بمستشفيات د. سليمان الحبيب، وهم د. حاتم كلنتن، د. عبدالعزيز المقالح، د. علي الكاف ود. وليد الجلاد.
العدسات الصناعية القابلة للزراعة
العدسات الصناعية القابلة للزراعة فتحت آفاقاً جديدة لتصحيح العيوب الانكسارية القصوى في العين، أو في حالة عدم ملاءمة تقنيات الليزر لعلاج بعض حالات عيوب الإبصار، كأن تكون القرنية رفيعة جداً، أو فيها بعض التغيرات الطوبوغرافية التي تجعل إجراء عمليات الليزر غير آمنة.
جراحات تتطلب خبرة خاصة
تزرع العدسة الصناعية داخل العين، إما أمام القزحية، أو بين القزحية والعدسة الأصلية، فيما يسمى بالغرفة الخلفية، وتحافظ العدسة الأصلية مع ذلك على قدرة تكيفها في المجال القريب. ولكن هذه العمليات تتطلب من الجراح خبرة عالية وقدرة فائقة؛ لذا ننصح بإجرائها في مراكز مجهزة، وعلى يد أطباء متخصصين.
أنواع ودرجات العدسات
هناك أنواع متعددة للعدسات، فمثلاً يتم تركيب عدسات الأرتيزان Artisan ونوفيتا Nuvita أمام القزحية. وتستعمل لتصحيح طول البصر ما بين 3+ إلى 8+ درجة، وقصر البصر من نحو 10- إلى 20- درجة. يُشار إلى أن عمق الغرفة الأمامية - وهي المسافة ما بين القزحية والقرنية - يجب أن يكون متسعاً لاحتواء العدسة الصناعية، وإلا فيخشى أن تتلف العدسة خلايا القرنية البطانية الحساسة. كما طوَّرت شركة (ألكون) عدسات مطوية تثبَّت في زاوية الغرفة الأمامية باسم عدسات «كاشيت»، وأعطت هذه العدسة نتائج رائعة وأماناً على طبقات البطانة الداخلية للقرنية.
العدسة اللاصقة القابلة للزرع
أما عدسات ICL العدسة اللاصقة القابلة للزرع خلف القزحية وأمام العدسة الأصلية فيجرى استخدامها بأمان منذ نحو 15 عاماً، ولا تؤثر مطلقاً في خلايا القرنية البطانية، لكن 3 % فقط من الزارعين لها حدثت لديهم عتامات بعدسة العين بعد 10 سنوات، وحتى الآن ما زال هذا الموضوع محوراً للنقاش في الأوساط العلمية، وهو ما إذا كانت زراعة عدسات ICL تؤدي إلى تعكر مبكر للعدسة (الماء الأبيض)، أم أن هؤلاء الأشخاص كانوا معرضين أصلاً لذلك بسبب قصر النظر الشديد.
صغار السن
إن العدسات القابلة للزراعة طريقة مناسبة خاصة للمرضى صغار السن الذين ما زالت عدساتهم مرنة، ولم تفقد قدرتها على التكيف (أي بإمكانهم القراءة في المدى القريب دون نظارة)؛ فهؤلاء الأشخاص لديهم فرصة التخلُّص من النظارات والعدسات اللاصقة.
الطريقة الأنسب للمتقدمين في العمر
أما إزالة العدسة الصافية CLE فتبقى الطريقة الأنسب للمرضى الذين يزيد سنهم على 40 عاماً، كذلك تُستخدم هذه الطريقة إذا اختل البصر على مستوى العدسة بسبب تقدم السن مثل بداية إعتام العدسة؛ ما يدفع عاجلاً أو آجلاً إلى استبدال العدسة الأصلية للعين بعدسة صناعية.
نسب نجاح عالية
زراعة العدسات الصناعية داخل العين تقنية مستخدمة منذ نحو خمسة عشر عاماً، لكن خلال السنوات الثلاث الماضية ازداد استخدامها بشكل كبير بعد اطمئناننا لها مع استخدامها لفترات طويلة ونسب نجاحها الكبيرة. وهذه العدسة تمتاز بأنها مصنوعة من مادة رقيقة جداً، وتُدخل وهي مطوية داخل محقن خاص من خلال جرح صغير جداً في العين قطره 2.7 ملم، وبعد دخولها العين تفتح وتأخذ وضعها.
إجراء بسيط ولا يحتاج إلى تنويم
تستغرق عملية إدخال العدسة دقيقة واحدة، وتأخذ وضعها النهائي بين القزحية وعدسة العين الطبيعية في حالة عدسات الغرفة الخلفية، أو أن تثبت في القزحية في حالة عدسات الغرفة الأمامية. ولا يحتاج هذا الإجراء إلى تنويم، ويستطيع الشخص بعدها العودة إلى المنزل وممارسة حياته بشكل طبيعي خلال فترة قصيرة.
الكولامير لأداء بصري متميز
يفضِّل كثير من الأطباء العدسة التي تُزرع خلف القزحية (ICL) أو Implantable Contact Lens، وهي عدسة لاصقة مشابهة للعدسات التي توضع خارج العين، وهي رقيقة جداً مصنوعة من مادة فريدة تسمى كولامير COLLAMER التي لها خصائص تميزها عن مواد العدسات الأخرى التي تزرع داخل العين؛ لأنها تتكون من الكولاجين الذي يكون ألياف عدساتنا لتزودنا بمطابقة حيوية بالغة وأداء بصري ممتاز، وهي عبارة عن 100 % كولاجين صافٍ؛ ما يساعد على الاستقرار والسكون في العين بصرياً وحيوياً.
مماثلة للعدسة البشرية الشفافة
وعدسات الكولامير تسهل زراعتها لقابلية طيها واستقرارها بالعين، وتنفذ الضوء وترسله بطريقة مشابهة للعدسة الطبيعية؛ وذلك لأن الصفات والخصائص المميزة لهذه المواد مماثلة تقريباً للعدسة البشرية البلورية الشفافة؛ لذلك يتقبلها الجسم مدى الحياة، ولم يحدث أن رفضها جهاز المناعة أبداً، وهي مرنة وطرية، كما لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة بعد الزراعة.
مزايا كثيرة
إن هذه العدسات لا تجف، ولا تتسخ أبداً؛ فهي مصممة على أن تبقى داخل العين غير معرضة للعوامل الخارجية؛ لتصبح كأنها جزء دائم داخلي؛ وبالتالي فهي لا تحتاج إلى عناية يومية مثل العدسات اللاصقة الخارجية، ولا يشعر المريض بوجودها داخل العين، ولا يمكن رؤية هذه العدسة بالعين المجردة بعد زراعتها؛ وبالتالي فالمنظر الخارجي يصبح مثل أي عين أخرى طبيعية، ولا يستطيع معرفة وجودها غير طبيب العيون عند الفحص بالمجهر.
أفضل الخيارات
ويمكن إجمال القول بأن زراعة العدسات قد حققت نجاحاً منقطع النظير وأماناً عالياً بفضل التطوير والأبحاث التي تمت خلال العقدين الماضيين، وأصبحت بحق أحد أفضل الخيارات المطروحة لتصحيح العيوب الانكسارية في العين.