ثورة (النانوتكنولوجيا)، هي ثورة تزعزع وتزلزل كل تصورات الإنسان حول المكان والزمان، وتفسدها. هي ثورة جذرية بامتياز. أؤكد أن أي بشر في التاريخ، لم يعيشوا تحوّلات جذرية كهذه الثورة، التي قد يبدأ العمل بها خلال سنوات قليلة. هذه الثورة سوف تمنح الإنسان قدرة التأثيرعلى كل المواد بذاتها، أي اللعب بجزيئياتها..
.. ومن ثم إعادة صوغها وابتكارها من جديد.
سيبتكرالإنسان مادة غيرمعروفة، وغيرموجودة، حاليا. باختصار سيسيطرالفكر، بواسطة اللغة، على كل مادة.
ستتيح (النانوتكنولوجيا) التصرف بأي مادة جينيا، أي على الطبيعة ذاتها للجزيئيات، ما يجعل الإنسان قادرا على الصناعة الافتراضية لجوهر افتراضي، يكون قادرا على صناعة نفسه بنفسه.
إنها ثورة رهيبة ومُدوّخة. ستكون صادمة للفكر، دون أي من الثورات العلمية التي مرّ بها الإنسان، عبر القرون المتوالية، أو الثورات العلمية التي يعيشها اليوم، مثل الثورة الجينية، والثورة السايبرية ـ الفضائية.
يتدرّب الإنسان اليوم على مفهوم الإفتراضيات، وهو تدريب صعب للغاية. إذن، من خلال كل الآلات التكنولوجية والالكترونية التي في حوزة الإنسان، سيعتاد شيئا فشيئا على العمل في أماكن متعددة في وقت واحد. كل ما يُمكن تأكيده، حتى الآن، هو أن مفهوم الإفتراضية، سوف يتطورأكثر فأكثر.
إحدى النتائج السريعة لثورة النانوتكنولوجيا، ان الإنسان سيتمكن من مضاعفة طاقة الكومبيوتر إلى مليون، بل وإلى مائة مليون مرة.
بـ (النانوتكنولوجيا) سيدخل الإنسان عالم الثورة المعلوماتية الثانية، أي أن كل التطبيقات الممكنة في المعلوماتية سوف تتضاعف بنسبة واحد إلى عشرة ملايين مرة.
علماء الفيزياء يعترفون بأنهم يُواجهون صعوبة، أكثر فأكثر، في تحديد المادة. باتوا عاجزين عن فهمها. لم يعودوا مُدركين: ما هي المادة.
علماء الجينات اكتشفوا أن ما يُحدّد كائنا حيا، او نباتا، هو ما نراه مُدوّنا (مكتوبا بلغة) في جينومه.
بـ (النانوتكنولوجيا) يدخل الإنسان المغامرة الثالثة في فك الرمز الجيني. الدرس الأول الذي يتعلمه من هذا هو: المهم من تحديد حقيقة حية، ليس المادة، بل الرسالة.
إن ما يُحدّد كل منا هو طريقة ترابط رموز جيناته. ما يُحدّد ليس البروتين بذاته، بل الطريقة التي صيغ بها.في تعبير آخر: “ الكلمة “ هي التي تُحددك. الرسالة.
المهم ليس المادة بذاتها، بل رسالتها، أي اللغة التي تحملها.
إذن، كل شيء لغة. حتى المادة.
إنها ثورة رائعة.
Zuhdi.alfateh@gmail.com