أستعير عنوان هذا المقال من مقال رائع خطه يراع الكاتب فراج إسماعيل، حيث وصف ما يجري في مصر من تراشق بين الساسة بالاستربتيز أي «التعري»، وضرب أمثلة على ذلك شارك فيها كل الساسة، وهذا التعري أخذ أشكالاً غير مقبولة وصلت لاتهام الناس في عقائدهم وأخلاقهم، فقد تم اتهام عمر سليمان بأنه هو الذي هرَّب منصور الكيخا لحساب القذافي، وتم اتهام عمرو موسى بأن له أخ يهودي، وغيرها من الاتهامات التي لا يستحسن ذكرها هنا.
وأطمئن الزميل فراج بأن كلاً لديه نسخته من هذا التعري، فمن الصعب على شعوب عاشت قرونا من التغييب أن تسلك الطريق الديمقراطي بلا عوائق، فالديمقراطية والحرية لا تتأتى في ظل غياب الوعي الفكري، إذ لا بد أن يسبق «الحراك السياسي الديمقراطي» حراك ثقافي عميق قد يستمر عقوداً طويلة، كشرط أساس لنجاح الممارسة الديمقراطية، فالمشاركة الديمقراطية دون وعي قد تكون أخطر من غياب الديمقراطية ذاتها، ولنا فيما حولنا أمثلة حية لا نستطيع تجاوزها.
يستطيع المتابع أن يلحظ أثر «قلة الوعي» على السلوك الإنساني في الإعلام الجديد، حيث أتاحت مجانية المشاركة، والحرية العالية المتاحة للجميع في أن يشارك الناس في هذا العالم الجديد على اختلاف توجهاتهم ومستوياتهم الفكرية، ولذا تقرأ ما لا يصدقه عقل ولا يخطر على بال بشر، فمن جزافية الاتهامات التي تتجاوز حد القذف، إلى استخدام اللغة الرديئة، إلى نشر الوثائق السرية، والتي قد تتسبب في الأذى لإنسان بريء، وقد حدث مثل هذا فعلاً.
كانت آخر مخرجات انعدام الوعي ما حصل لأحد المشاركين في تويتر، حيث تم اختراق حسابه ضمن حملة اختراقات منظمة تمت مؤخراً، ولكن المؤلم هذه المرة أن من تعدى على حسابه - وهو يؤكد أنه متدين وفعل هذا محتسباً - بدأ يهدد المسروق بنشر كل الأسرار التي سرقها من حسابه!، ويتضمن هذا خطابات خاصة وصوراً له ولمحارمه!، وأعطاه مهلة، معلناً أنه سينشر كل المعلومات المسروقة في حال عدم التجاوب، فماذا تراه يريده أن يفعل؟.
كان السارق يطالب المسروق أن يعود إلى رشده ويعلن توبته، فقد حكم عليه بالإلحاد وانتهى الأمر، أما ما هي القاعدة الشرعية والنظامية التي استند عليها؟، ومن أجاز له السرقة؟، ومن أفتاه بجواز الاطلاع على أسرار الآخرين، فهذا لا يهم، إذ هو محتسب وحسب!. وختاماً، نقول لأخينا فراج إسماعيل إن التعري موجود في كل مكان، ويتخذ أشكالاً عدة، ولعل في هذا عزاء لك، فالعتب على «التخلف».
فاصلة: «من حاول أمراً بمعصية الله، كان أفوت لما يرجو وأسرع لما يحذر».. الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2