رغم أن العنوان مكتوب بالأحرف العربية إلا أن ترجمته تعني: (بلا خليوي) أو (بلا نقّال) على وزن (بلا تدخين) وهي المبادرة الأولى التي تطلق على مستوى العالم لمنع استخدام (الهواتف المتحرّكة) في مدينة بأكملها..؟!
حتى الآن انضم للمبادرة (عشرات الفنادق) والمطاعم والأسواق في مدينة (أوديني الإيطالية)، حيث يتطلب دخولها إغلاق الهاتف أو تركه في الوضع الصامت.. حتى لا تتعرض للمخالفة بسبب استخدامه في هذه المناطق المحظورة، إنها الثورة المضادة لثورة التقنية في أوروبا..!
طبعاً مجلس البلدية وعمدة المدينة توصولوا لهذا القرار بالإجماع بسبب الأضرار الصحية والنفسية الناجمة عن استخدام (الهاتف الجوال) في كل مكان وبدون ضوابط، ومن خلال تجارب شخصية تعرض لها مجلس البلدية الذي توقفت اجتماعاته عدة مرات للرد على الهاتف أو الدخول على مواقع التواصل الاجتماعي أو الرد على الإيميلات..!
يبدو أن (الحرب الثالثة) على الإدمان بعد المخدرات والتدخين ستكون في وجه (الهواتف المتحرّكة) بسبب الإفراط (غير المبرر) في التعاطي مع التقنية بشكل خاطئ، مما جعل الأمر أشبه (بالهلوسة الرقمية) من خلال تحويل كل المعطيات والقيم والمشاعر الإنسانية إلى مدلولات رقمية وحرفية (جافة وجامدة) للتعبير عنها..! إنها حقيقة (مؤلمة) لتواصل البشر في العصر الحديث..!
الحقيقة الثانية أن (السعودية) تحتل اليوم (المرتبة الأولى) عالمياً، كصاحبة (أكبر نسبة) استخدام للهواتف المحمولة بحسب (منظمة الأمم المتحدة) في تصنيفها الصادر الشهر الماضي، إذ تجاوزت نسبة انتشار الهواتف المحمولة لدينا 188 %..!
هذا أمر يتطلب منا إعادة فهم الاحتياج الفعلي لاستخدام (الهاتف المحمول) في الأعمال، وهل ثقافة (وجود رقم أو رقمين) مع الشخص أمر صحي وجيد ويعكس مدى تطور المجتمع وتفاعله مع التقنية الحديثة كمجتمع عصري..؟! أم أنه يعطي مؤشراً خطيراً من ناحية أن (انتشار التواصل الرقمي) هذا يأتي على حساب التواصل الحقيقي بين الأفراد، وهو ما يحذّر منه الكثير من (الدراسات الاجتماعية والنفسية) التي تدعو لزيادة التواصل المباشر والشخصي بين الأقارب والأصدقاء في المناسبات وعدم الاكتفاء بالتواصل الرقمي عبر الأجهز المحمولة ومواقع التواصل..!
أتمنى أن يعلّق أحدٌ الجرس في مجتمعنا بتبني أي مكان خدمي أوعام لمنع استخدام الهاتف المتحرّك فيه، وتجربة النظرية الإيطالية الجديدة (سيل فري) حتى لا يفوتنا ركب التطور الأوربي الإنساني الجديد، ونجد أنفسنا غارقين في (ظلام التقنية) بلا معين..!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net