أذاعت قناة الإخبارية مقابلة مع أحد الإخوان المصريين الذين أنقذهم الدفاع المدني بطائرة مروحية، أخونا المصري قال بصريح العبارة بأن الدفاع المدني حذرهم ولكنهم لم يأخذوا الموضوع على محمل الجد! وعدم أخذ التحذيرات على محمل الجد هو سبب كثير من حوادث الغرق التي
تذهب فيها أرواح المواطنين والمقيمين، نفرح بهطول الأمطار لكننا سرعان ما نحزن عندما نفقد شخصا أو أكثر، هناك من يغريهم منظر السيول الرقراقة لينطلق إليها فيحصل له كما حصل لأخينا المصري الذي كتب الله له النجاة بعد أن كاد يهلك لأنه لم يأخذ التحذير على محمل الجد! وفيات سنوية تتسبب فيها السيول عندما تفتش عن السبب تجد أن الشخص هو الذي اقتحم جريان السيل سواء بسيارته أو على قدميه! وهذا دليل على أن بعضنا يلقي بنفسه وبأولاده إلى تهلكة تتخفى في بطون الأودية المترعة بالمياه والتي تنتظر في كل عام ضحايا جدد! منذ بضعة سنين أصبحنا نواجه على غير المعتاد ما يشبه الفيضانات مما جعل السيول الجارفة من أهم الأخطار التي يباشرها الدفاع المدني ولأنها جديدة فمواجهتها تحتاج إلى مزيد من التوعية خاصة للأطفال في مدارسهم أو في بيوتهم عبر برامج أو رسائل تلفزيونية لعل خوف الأطفال يردع أباً يصر على اقتحام عباب الماء بسيارته معتقداً أنه يستطيع أن يلعب مع الوحش الكامن داخل سيل الوادي والذي في كل عام يصطاد عدداً من اللاعبين معه! هناك بالتأكيد من يداهمهم السيل ويقطع الطرقات عليهم ويحاصرهم في منازلهم وهذه حوادث لا حول ولا قوة للإنسان فيها، ولكن ما يعنينا هو من لا يتعظون بما يسمعون من حوادث السيول التي تنشر في وسائل الإعلام ولا يستمعون لتحذيرات الدفاع المدني فيصرون على مواجهات خاسرة مع الماء! في بعض الحوادث يكون الإنقاذ مستحيلا عندما تنهمر الأمطار فتمنع طائرة الإنقاذ من الإقلاع أو تتعثر انطلاقة قوارب النجاة بسبب الأحوال الجوية، ولذلك لن يكون أمام المنقذين من مهمة سوى انتشال الجثث لأن الغرق يتم في دقائق معدودة، وإذا كان الحريق يقتل في خمس دقائق أي شخص تحاصره النيران والدخان بحسب الجدول الزمني لإدارة الحرائق في أمريكا، فإن الماء يفعل نفس النتيجة وهذا الشيء الوحيد الذي تتفق فيه النار مع الماء! لذلك فلو جاء (سوبر مان) لما استطاع بمهاراته وقدراته الخارقة أن ينقذ شخصاً أصر على الدخول للسباحة أو أسرة فرطت بأطفالها فتركتهم يلعبون مع وحش الماء وهي تعلم أن الإنقاذ يحتاج إلى تلك الدقائق المعدودة والأجواء المناسبة للإنقاذ، الدفاع المدني يرسل رسائله التحذيرية لتصل إلى الجوالات محذراً من مخاطر السيول ومع ذلك نقرأ عن حوادث غرق! لذلك فنحن أمام حاجة حقيقية مع زيادة الحوادث إلى زيادة في التوعية من خلال شراكة مع وزارة التربيةالجامعات والصحف الورقية والإلكترونية ووسائل الإعلام بشكل عام، بالإضافة إلى توفير أحدث تقنيات الإنقاذ وتدريب العاملين ليكونوا على أهبة الاستعداد للقيام بمهتهم الوطنية والإنسانية التي تتواصل لإنقاذ من صم أذنيه ودخل منطقة الخطر، ليجد نفسه في حلبة المواجهة ويكشر له وحش الماء عن أنيابه في منازلة هي عبارة عن جولة واحدة والمدة خمس دقائق! ولأن هناك أشخاصاً لن يأخذوا التحذيرات على محمل الجد، فليس بوسعنا إلا أن نقول رحم الله شهداء السيول السابقين واللاحقين!
alhoshanei@hotmail.com