في صحيح مسلم جاء حديث النعمان بن بشير والذي ذكر فيه أن والده ذهب به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليشهد على تلك الهبة التي وهبها إياه وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما علم أن بشيراً وهب ابنه النعمان دون إخوته الآخرين امتنع صلى الله عليه وسلم وقال «فَلاَ تُشْهِدْنِى إِذًا فَإِنِّى لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ»، أليس في هذا الحديث رسالة توجيه للآباء تدعو للمساواة والعدل وتنهى عن التفريق بين الأبناء؟ فما بال بعض الآباء يجورون في معاملتهم لأبنائهم جوراً عظيماً، حيث الميل لأحدهم دون الآخر, وإحاطته بالرعاية والاهتمام وتلبية رغباته، وفي المقابل هناك تهميش وإقصاء وسوء في المعاملة يقع على أحد الأبناء دون غيره من الإخوة، فيكون نصيب الأول الثقة بالنفس التي تدفعه إلى الإقدام بينما الآخر العزلة والانكسار.
وبشيء من الألم يمكن القول إن البنات أكثر تضرراً من هذا الجور والتفريق مقارنة بإخوانهن الذكور لأنه ما زال هناك من الآباء من يسود وجهه إذا بشر بالأنثى فيكون لهذا السواد أثر في المعاملة فنجد القسوة والتفريق تنصب على الأنثى وهي كفيلة بقتلها وبدفنها معنويا.
هل يدرك الآباء أن ما يعصف بالأسرة من قسوة قلوب الأبناء وعقوقهم وما بينهم من غيرة وحسد وتصادم مع الإخوة ما هي إلا نتاج طبيعي للتفريق بينهم، فأيها الآباء أعيدوا كفة الأبناء إلى التوازن دون ترجيح كفة على أخرى، وابحثوا عن المنبوذين في منازلكم وخذوا بأيديهم إلى مظلة أبوية ملؤها العدل والمساواة.
- بريدة