يوميات مبتعثة
فاصلة:
((من يراقب الريح كثيراً لا يزرع بذرة أو نبتة))
-حكمة عالمية-
لما قدمتُ إلى بريطانيا لأدرس في إحدى جامعاتها، وتدرس بناتي في مدارسها وجامعاتها كنت مدركة بأن هناك ثقافة أخرى سنحتك بها ونعيشها وهي ثقافة مختلفة في القيم والسلوكيات.
وكنت أدرك أن هناك تحدياً سيواجهني مع الصغار والمراهقات سيبرز في احتمالية أن تخبو اللغة العربية في تعاملاتهن ويزيد التصاقهن باللغة الانجليزية.
وتبرعتْ الكثير من المبتعثات السعوديات حولي بتخويفي من المدارس الكاثوليكية وأمطرنني بحكايات عن أولادهن الصغار وكيف أصبحوا يتحدثون اللغة الإنجليزية ويمارسون ذات السلوكيات التي يمارسها بعض المسيحيين في الأكل مثلاً.
كنت أسمع وأتساءل: هل لهذه المخاوف أساس، أم أنها مخاوف «سعودية»؟
أقصد بحكم أننا مشبعون بقناعات كثيرة تخوّفنا دوماً من أن هناك مؤامرة ضد ديننا وأننا مستهدفون من قبل الديانات الأخرى.
عشت سنوات في مانشستر ولم يلتحق بناتي بالمدرسة السعودية إلا لعام واحد بعده قررن ألا يلتحقن بها وأمنّت على قرارهن لأسباب من أهمها أنّ علينا أنْ نفعل السلوك لأنه مفيد، وليس لأن الآخرين يفعلونه.
أما في موضوع المدارس فقد التحقت الصغيرتان «يارا وعلياء» بمدرسة ابتدائية كاثوليكية إنما بنيت اختياري لها بقناعة بعدما رأيت في فنائها لوحات بها معلومات عن معظم الأديان بما فيها الإسلام، ولم أشهد حتى اليوم أي محاولة من قبل المدرسة لفرض معلومات عن دين معين، لكن كان من واجبي أن أوفر المعلومات الصحيحة عن ديننا وسيرة النبي للصغيرات وهي متوافرة في بعض المكتبات الإسلامية في مانشستر.
أعتقد أن علينا أن نكون أكثر ثقة بتمسكنا بديننا واعتزازنا بقيمنا الصحيحة، والإنسان يمتلك القدرة بنضجه الثقافي على الاحتكاك بثقافات عدّة، دون الخوف على ثقافته الأصيلة مع إيماني بأنّ الثقافة الدينية وحدها التي لا تتغير، أما الأعراف والتقاليد فلربما كان احتكاكك بالثقافات الأخرى فرصة لتتخلص من جمود العقل وتختار لحياتك ما يناسبها لتستطيع العيش بسلام داخلي.
nahedsb@hotmail.com