تتحدث سلطة الرئيس بشار الأسد عن استعدادها للحوار مع بعض أطراف المعارضة. ولكنها تضع شروطا، وكأنها تملك أن تضع تلك الشروط.
وتعلن الكثير من أطراف المعارضة السورية أنها ترفض الحوار وتطالب برحيل الرئيس أولاً وهذا حقها.
فهذا نظام لا تنفعه المشاركة في «التغيير»، ولا هو يقدر عليه. لأن أي تغيير يعني من الناحية العملية إزالته من الوجود. ولهذا السبب فإنه يماطل ويراهن على التسويف.
وعندما قرر اعتماد الحل الأمني، فليس لأنه لم يفكر بغيره من الحلول، بل لأنه يعرف أن أي حل آخر يعني نهايته، فاختار أن يقتل ويبطش، لعله يؤجل النهاية المحتومة.
ولئن بدا «الحل الأمني» خيارا غبيا، فإنه كان الخيار الوحيد لنظام عاش على الحديد والنار.
إن نظاما استمرأ الوحشية ضد شعبه، لا يستطيع أن يتحاور.
كما أن نظاما وضع نظارة أيديولوجية سوداء على عينيه، لن يمكنه أن يرى. وسيظل نظاما أعمى حتى وهو يحاور.
الحوار إذا كان مطلوبا، فمن أجل التغيير، وليس من أجل المصالحة بين الضحية والجلاد.
ما يحتاج إليه السوريون هو حوار يقود إلى إزالة نظام دولة المخابرات والأمن والشبيحة. وهذا الأمر يتطلب أن تتوفر لدى دولة المخابرات والأمن والشبيحة القناعة بأن وقتها قد أزف، وأنها تتحاور ليس من أجل المزيد من التشبيح، وإنما من أجل ترتيب إجراءات طي الصفحة.
وهذا ممكن، ولكن فقط إذا رأت دولة التشبيح، أن سورية ما بعد الانتفاضة لن تعود إلى ما كانت عليه. وأن شعبا دفع من أجل حريته دما، لن يمكن استعباده مرة أخرى. وأن دولة الممانعة المنافقة، لم يعد بوسعها أن تكذب أكثر. وأن شعاراتها الفارغة لا تكفي لشراء ربطة فجل.