أعجبتني مبادرة كلية إدارة الأعمال للبنات بجده يوم الخميس الفائت والتي أطلقت فيها حملة ثقافية تحت عنوان (أمة اقرأ عادت تقرأ). والباعث على الإعجاب أن من يقوم بهكذا حملة هي كلية تطبيقية تختص بإدارة الأعمال..
وليست كلية أدبية أو تربوية، رغم أن القراءة ممارسة حضارية يحتاجها الجميع بلا استثناء، ورغم ذلك فهذه تحسب لتلك الكلية.
أعود إلى شعار الحملة التي كانت تهدف إلى تشجيع وتعزيز عادة القراءة، هل فعلا أمة اقرأ عادت تقرأ؟. ظني أن شعار الحملة هو من باب التشجيع أكثر منه إعلان عن حقيقة واقعة، وصحيح أن عادة القراءة بدأت بالانتشار لكنها ما زالت محصورة في فئة معينة هي بعض الأكاديميين والكتاب والإعلاميين، إضافة إلى من يعشق الثقافة ويهتم بصقل فكره وشخصيته، لكنها نسبة ما تزال متدنية قياساً على عموم سكان الوطن العربي.
وقد ذكرت أن القراءة بدأت بالانتشار وهذا عن اقتناع وله ما يسنده من الواقع، فالزائر لمعرض الرياض الدولي للكتاب ينبهر حقيقة للأعداد الهائلة التي تفد من جميع مناطق المملكة ومن الجنسين لاقتناء الكتب في كافة الميادين تقريباً، وهذا مؤشر كاف لنشعر بأمل عودة الكتاب إلى مكانته ودلالة ذلك حضاريا، فأمة تقرأ أمة ترقى. ولا بد هنا من الوقوف عند الإعلام الجديد، ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت كفيس بوك وتويتر وغيرها، فهل ما ينشر عن طريقها من مدونات سريعة التحضير في غالبها ومن كافة المستويات الفكرية والخلفيات الثقافية له من الغنى الفكري والثقافي ما يغني عن الكتاب؟ وهل تطرق تلك المدونات شؤون المجتمع والاقتصاد والفكر والسياسة بشكل عقلاني ومنظم وعن خلفية تؤهل للكتابة في تلك الشؤون؟، تلك المواقع والمدونات بالفعل يشارك فيها كتاب ومفكرون وإعلاميون وأصحاب رأي بثمار أفكارهم وثقافاتهم وتجاربهم وهم عموما لا يشكلون أغلبية في وقتنا الراهن.
أضف إلى ذلك أن هذه المدونات هي وجبات سريعة هذا بخصوص الجاد منها، لأنها لا تحتمل عمق الكتاب وثراء مادته فهي مواقع إشارات سريعة مختصرة وبرقيات يشارك بها الكل دون قيود أو معايير وهذا هو الإعلام الجديد والشبكة العنكبوتية فضاء مفتوح للجميع. بالرغم من ذلك القراءة وعندما نقول القراءة نقصد الكتاب تحديدا عادة بدأت تعود وإن بشكل يحتاج منا التشجيع والمبادرات من قبل مؤسسات المجتمع كافة. هل متعة القراءة في كتاب وملمس الورق ورائحته يمكن أن نجدها في مدونات الإنترنت؟ وأترك لذوق عقولكم الإجابة.