مرت سنة كاملة على الإعلان عن مشروع نطاقات والمهتمون ما بين شدِّ وجذب، فالبعض يراه من خلال ما يقدمه فتحاً كبيراً للسعوديين الذين يقبعون على رصيف البطالة وعلى الجانب الآخر يراه البعض برنامجاً يعيق التوسع بالشركات وكذلك فتح المشاريع التي تغطي احتياجات الأسواق.
ومع الاحترام المطلق لكلا وجهتي النظر إلا أن الواقع المرير في ظل زيادة النمو السكاني وكثرة الخريجين بسوق العمل واتساع الفجوة بين أصحاب المنشآت الخاصة ووزارة العمل وتبادل الاتهامات بين الحكومة والقطاع الخاص حول المتسبب في تفاقم أزمة البطالة خلال السنين الماضية، ذلك الواقع يجعل من الحلول التوافقية التي تقوم على جمع وجهات نظر المشرع والمستثمر والمستفيد أفضل الخيارات في ظل انعدام أو صعوبة إيجاد وتطبيق حلولٍ أخرى..
وخلال السنوات الأخيرة أصبحت لغة الحوار والنقاش بين الأطراف المعنية أكثر شفافية وواقعية وانطلقت ورش عملٍ داخل وزارة العمل هدفها تقريب المتباعد لإيجاد مشروع لتوطين الوظائف دون الأخلال بسوق العمل ليحقق نطاقات السعودة لكل الشركات والمؤسسات بدلا من كونها حلماً لا يمكن تحقيقه.
ووفق متطلبات وزارة العمل، وبجراءةٍ فائقة وفق الله وزير العمل «الفقيه» لإطلاق مشروع نطاقات الذي نظم العلاقة ورسم الخطة الإستيراتيجية للسعودة وفرق بين القطاعات بما يتوافق مع الحاجة والقدرة بطريقةٍ منطقية واحترافية انطلاقاً من نقاط الاتفاق لا الاختلاف بين أصحاب الصلة، من مشرعٍ ومستثمرٍٍ ومواطن.
فلطالما حلموا بأن يجدوا تشريعا يتفق مع سوق العمل ويفرق بين المنشآت ولم تكتف الوزارة بتحقيق ذلك فقط بل شرعت بتقديم الحوافز المتناسبة لتشجع القطاع الخاص على استقطاب المواطنين وتوطين الوظائف وقد نال ذلك المشروع رضا كثير من المستثمرين وذلك في أن أصبحت نسب السعودة المطلوبة منطقية وعملية وذلك حسب كل تخصص وتوفر المهنة بسوق العمل وكذلك عدم مساواتهم بالمنشآت الوهمية القائمة على الاتجار بالتأشيرات أو نثرهم في الشوارع والطرقات، فنطاقات يفلتر الشركات فلترةً منطقية عبر أنشطتها ليخلق انسجاماً منطقياً داخل المنشآت سيكبر يوماً بعد يوم خصوصاً مع وجود الحوافز والامتيازات وزيادتها.
يتبع برنامج نطاقات سياسة (الحافز لمن يسعود والعقاب لمن لا يسعود) وفصل بين القطاعات بحيث يكون للمزارع سعودة تخلف عن البنوك وكذلك شركات المقاولات تختلف عن الفنادق وهكذا، وبهذه السياسة فإن أعداد المواطنين الذين سيتم توظيفهم مذهل لو تم تحقيق برنامج نطاقات لكل الشركات، والمفرح أن نرى الحلم يكبر عبر تقارير دورية من وزارة العمل لأرقام التوطين المفرحة.
ومما لا شك فيه أن أي نظام جديد التطبيق قد يعتليه الخلل ولكن المهم أن نطور مكامن الخلل ونطور النظام بناء على الواقع والنتائج المرحلية، وذلك هو الأمل من وزارة العمل، وكمستثمرين يجب أن نتقبل التطوير بالتشريع ونتعاون لإنجاح ذلك المشروع الذي يعتبر من أهم مشاريع الاستثمار طويلة الأجل خصوصاً في ظل وفرة الأرباح والطفرة الاقتصادية التي يرافقها نمو سكاني هائل.
والمحصلة أن التوطين دخل لكل المجتمع وأي مواطنٍ يتم توظيفه سيحقق نمواً اقتصادياً يصب في مصلحة الوطن، ولطالما رافق ذلكم الهاجس فكر قائد المسيرة الملك عبدالله حفظه الله منعكساً في اهتماماته وتصريحاته وأفعاله وتوجيهاته المتواصلة لتوفير أفضل سبل العيش للمواطنين وإيجاد فرص العمل لهم.
هذا هو «نطاقات» تشريعاً ولكن يبقى الأهم وهو أن يتكاتف الجميع حكومةً وشعباً لتحقيق الهدف، فبالمثابرة والأمانة والرقابة والتطبيق الحازم سيكبر الحلم شيئاً فشيئاً ليحقق المنشود وأكثر بإذن الله.
Twitter: @badr_alrajhiwww.badralrajhi.com