كان لدي أقرباء مبتعثون في دولة عربية مجاورة، أحدهم كان يلف الغترة على رأسه على طريقة اليمنيين، والثاني كان يقص شعره ويختار أزياءه على طريقة الكويتيين. السبب: حتى يخفون الهوية السعودية!..
قال أحدهم: لو عرف أحدهم أنك سعودي للقيت أنواع الأذى والمشاغبات.
وقتئذ كنت أحسبه تصرفًا فرديًا من طلاب أغرار، أخذتهم الحماسة وسوء التصرف. لكن فوز العراق بكأس آسيا عام 2007م كشف المشاعر العربية الدفينة ضد أبناء جلدتهم السعوديين حين انفجرت السعادة مثل لغم أرضي نائم وسط القلوب!. مازلت أذكر التعليقات المنداحة على هامش فوز العراق على السعودية في المباراة النهائية التي شهدت خشونة فائقة من جهة العراقيين وسط ذهول الجميع. وفضحت الصور فيما بعد أنواع العنف الجسدي من عض وضرب متعمد مثير جدًا للدهشة والاستغراب. فإذا كان حمل تابوت ملفوف عليه علم المملكة في مسيرة حاشدة في أحد الدول العربية، طريقة البسطاء من مشجعي العراق، وردة فعل ساذجة من البعض فماذا نسمي احتفاء العالم العربي والتعليقات التي انتشرت من خلال المواقع والصحف العربية. والمكافآت المادية الطائلة التي بادرت بها بعض الدول لكل لاعب عراقي سحب البساط من تحت أقدام السعوديين الذين استحوذوا على اللقب لثلاث بطولات!.
الذي يجد الجواب لن يستغرب ردة فعل بعض المصريين والعرب عقب حادثة المحامي المصري الموقوف في مطار الملك عبد العزيز في جدة.
فوج الشتائم الموجهة للسعوديين من خلال تويتر وبقية المواقع الاجتماعية ليس غريبًا ولم يدهشني على وجه التحديد. فصورة البدوي الذي يرعى الشياه نهارًا وينام بجانبه بئر البترول ليلاً؛ ليست صورة اخترعها المستشرق الغربي الجائر وحسب. يؤسفني القول: إن هذه الصورة معشعشة في ذهنيات العالم كلّه، مع بعض التعديلات الطفيفة. مما يولد نوعًا من الضغينة الممزوجة بحسد يظهر بين الفينة والأخرى كلما سنحت حادثة.. أين الخطأ؟
لماذا يرانا العالم بهذا الشكل المخالف للواقع؟ المملكة بلاد مترامية الأطراف، تحتضن تحت جناحها المعتدلين والمتطرفين وأصحاب الحرف والأكاديميين والجهلة والعلماء والسذج والحمقى والأذكياء.
لماذا يُحسب علينا فقط بعض النماذج المحدودة التي هي أيضًا موجودة في جميع أقطار العالم؟!
دار حوار قصير جدًا بيني وبين شخص من جنسية عربية التقيته مصادفة خارج المملكة وأتى الحديث حول مصر والسعودية والشتائم المريعة التي يثيرها البعض حولنا في تويتر. أبدى الرجل حماسة شديدة وانهال انتقادًا لموقف السعودية وسحب سفيرها من مصر. ومن جهتي أبديت تأييدي لذلك. وعارضت أي تعدٍ موجه للسعودية قيادة وشعبًا. مما أثار استغراب الشخص.
ياللعرب ويا للموضات والتقليعات.. سابقًا كانت الموجة هي تأييد القادة والآن الموضة هي التنديد بالحكام والثورة عليهم.
أقول له ولأمثاله..
ليس كل الحكام ديكتاتوريين.. ليس كلّهم صدام والقذافي وبشار الأسد.. هناك نماذج أخرى سويـة وتطمح للأفضل لشعبها واستطاعت أن تمتلك القلوب بحنوّها وحنكتها وحسن تدبيرها. والتصرف الطبيعي أنك تواجه المعروف بالمعروف، والعطاء بالعطاء. وهذا ليس بمستهجن في إطار البشر الأسوياء. لكن المستهجن والمثير للاستياء أنك تواجه المحسن بالإساءة. وهو ما يحصل الآن، حيث تقدم البلاد لأشقائها المساعدات المادية بشكل سنوي. هذا علاوة على العمالة الضخمة الوافذة من بلداهم إلينا والذين تتحسن أوضاعهم المادية وينتعشون اقتصاديًا بفضل هذا البلد الكريم!.
فليس السؤال لماذا نحب قادتنا.. السؤال الحقيقي لماذا يُكره المحسن ويساء للكريم؟!
فما سر هذا السخط الموجه لنا؟ إذا كان سلامنا وثراء أرضنا ونعمة الله علينا بقيادة نحبها وتحبنا هو ما يثير غضبكم..فمرحبا بالغضب!
kowther.ma.arbash@gmail.com