كثيراً ما أكدت أن أصعب جانب في الكتابة هو اختيار الفكرة التي سيتناولها الكاتب؛ ولذلك إما أن يتصفح الأخبار ويتابع المستجدات إن كان سيكتب في الشأن العام, أو يلتقط فكرة خاصة خطرت بباله في تيار الوجدان والانفعال ويتابع تحليقها بأفكاره وتأملاته.
ولذلك لا أستغرب أن أجد كتاب الأعمدة الصحفية يتناولون في نفس الفترة الزمنية المكثفة نفس الأحداث التي تحث صدى مجتمعياً أو سياسياً على الساحة المحلية في أي موقع جغرافي حيث ذلك أول ما يرفد أفكار الكتابة ما يستجد في ساحة المعلومة الإخبارية، وبالتالي الحوار العام ثم التفكير والتحليل وأخيراً التعبير كتابياً.
بهذا المنطلق لم يكن مستغرباً أن يركز الكتّاب خلال الأيام القليلة الماضية على شريط مسجل للشيخ العبيكان خاصة بعد تناقل أخبار إيقاف برنامجه وتصريحاته التلفزيونية, مثلما ركزوا قبل فترة على تدوينات وتغريدات الناشطين والناشطات في تويتر.
القارئ والمتابع الذي يبحث عن تحفيز الفكر لا يجد في التركيز على حدث بعينه أمراً ممتعاً حتى لو تعددت المواقف من الحدث ذاته.. القارئ مثل الكاتب لا يرغب في التكرار والاستنساخ وترديد التصنيفات لتأكيد الولاء أو نفيه عن طرف آخر.
الأسبوع الماضي وأنا أحضر منتدى الإعلام العربي الحادي عشر في دبي أحسست بالأفكار تتدفق بغزارة من روافد كثيرة: الالتقاء في صالات ومواقع المؤتمر بالزملاء والأصدقاء الإعلاميين من كل الدول العربية, الحوار مع المدعوين الآخرين من دول بعيدة كالحضور الناطقين باللغة العربية من غير العرب من الهند وأفغانستان وأذربيجان وروسيا والدول الأوروبية الأخرى, ثم النقاش والتعليقات على طاولات الغداء والعشاء حول ما طرحه المتكلمون على منصة الكلام من أفكار.
أهم ما أسعدني شخصياً إعلان فوز الزميلة الدكتورة بدرية البشر بجائزة أفضل عمود صحفي. سعدت به لأنها تستحق التكريم في زمن لا يستطيع فيه الكثير من الكتاب الاحتفاظ بتوازنهم بين قول الحقيقة واحترام القارئ.
ولكن المنتدى لم يكن فقط منصة تكريم لمن نالوا جوائز لإنجازاتهم إعلامياً.. فالتكريم وإعلان الجوائز كان آخر جلسة في برنامج ثري حفل بحضور مئات من نجوم الإعلام والفكر والصحافة. وعلى هامش الجلسات كانت الجائزة الحقيقية: أن تتبادل الرأي والتحية مع أعلام مثل الدكاترة: عبدالله الغذامي وفهد العرابي الحارثي ومحمد الرميحي وسعد بن طفلة العجمي وعبدالخالق عبدالله وأحمد عبدالملك وعبدالله مدني وابتسام كتبي وحصة لوتاه ومريم لوتاه.. وإعلاميون مثل: سوسن الشاعر وحمدي قنديل وهداية درويش وسكينة فؤاد وليلى رستم وليلى الشيخلي وخديجة بن قنة وميساء العمودي وسليمان الهتلان وخالد الدخيل وعثمان العمير وعبدالرحمن الراشد وحمد العماري, وكل رؤساء تحرير الصحف العربية.. أسماء أتذكرها وهناك غيرها فيض من النجوم لا أستطيع تعدادها.
كان فعلاً لقاءً ثرياً متكامل الإعداد والتنظيم والاستعداد المسبق بكل ما يحتاجه المشاركون.. سوق عكاظ حديث ومنبر حوار مميز بتنوع الأصوات المنتقاة للتعبير عن أحداث وتوجهات الساحة المتعددة المواقف في مرحلة زمنية انتقالية غمرتنا بمعلومات لا يستطيع أحد تأكيد صحتها كلها.
في خلال يومين قدم القائمون على تنظيم المنتدى, وعلى رأسهم الإعلامي والإدارية القديرة مريم بن فهد, للضيوف والحضور مائدة ثرية بالمواضيع المطروحة للنقاش مواكبة لآخر التطورات والأحداث على الساحة العربية في أطر محلية وإقليمية وعالمية.. لا أستطيع إعادة نقل كل ما جرى؛ وسأعود إلى بعض مجريات المنتدى وتفاعلي بها.