الفن لا يمكن أن يكون له جنسية، وعندما (تجنسه) فإنه ينتقل معك إلى منطقتين:
منطقة سياسية ومنطقة أيديولوجية، ومن خلال هذه القاعدة - إن جاز لنا ذلك - تسقط كل المفردات إذا (وصفتها) أي أضفت لها (جنسية)، مثل: الدراما الكويتية، أو الدراما السورية أو الدراما المصرية. والسقوط يعود إلى أن وصف مثل هذه المفردات بهذا الشكل يضع لها حدوداً ومواصفات ومرجعية تعزلها عن مثيلاتها؛ الأمر الذي يوقعنا بدون أن نشعر في صراعات وخلافات نحن في غنى عنها.
الصواب أن نقول: الدراما في الكويت، الدراما في سوريا، الدراما في مصر، أو أن نقول إنتاج درامي كويتي، إنتاج درامي سوري، إنتاج درامي مصري، وبهذا نكون قد وضعنا النقاط على الحروف والمفردات في أماكنها الصحيحة وفقاً لسياقاتها التي ولدت فيها.
قد لا يرى البعض مشكلة في ذلك، ولكن الحقيقة أن (اللغة) ذاتها إذا صغناها في قوالب (مرتبكة) نراها بدون أن نشعر تشكل سلوكاً مرتبكاً، وتضلل أفكارنا، ونفهم الأمور على غير وجهتها، فيما القدرة على التعبير بشكل منطقي وسليم صفة حضارية تقاس بها الشعوب.
الدراما في السعودية تعيش أزمة (مصطلحات)، كل منا يفهمها بطريقته، وكل منا يعبِّر عنها بأسلوبه، وكل منا يكتبها بلغته، وتسوء الحالة إذا كانت لغتها هشة, سواء كانت لغة (السيناريو) أو (لغة النقاش)؛ لأن التعبير السليم يعكس عقلية سليمة.
أرسطو كفانا عناء فهم (الدراما) منذ ما يقارب 2500 سنة، فما بالنا اليوم (نلت ونعجن ونتفيهق) حولها, كل ما في الأمر قراءة كتابه حتى نعرف تفاصيل العمل الدرامي ومعاييره التي لا يقوم إلا بها.
أرسطو لم (يخترع) الدراما، لكنه (اكتشف) سننها الكونية، فهي باقية حتى آخر إنسان على الأرض، ليست مفاهيم قديمة، وليست مفاهيم بالية، وليست مفاهيم منتهية الصلاحية, ولا تتعارض مع المدارس الفنية الأخرى مثل: البرختية والرمزية والعبثية.. إلخ, فلكل منها منهجيتها.
ستظل الدراما باقية, والحكايات والقصص مستمرة، باعتبارها جزءاً من كيان الإنسان أينما حل وارتحل، ستظل ذاكرته وعظته وموروثه وملهمته وحلمه ودهشته.
nlp1975@gmail.com