باتت الجبيل الصناعية مهيَّأة لتكون الوجهة السياحية المفضلة للسائحين من داخل المملكة والخليج. البنية التحتية المتاحة، المرافق، الشواطئ الجميلة، الجزر العذراء، والخدمات الراقية محفزات لطالبي السياحة والاستجمام، وللباحثين عن الأنشطة الرياضية، والبحرية، وأحسب أنها متاحة على أعلى المستويات في المدينة. الهيئة الملكية للجبيل وينبع تُدير المدينة بفكر حضاري حديث؛ ما مكنها من الدمج بين المتناقضات، في مدينة واحدة، وتسخيرها لخدمة بعضها بعضاً. في الغالب، يصعب الجمع بين الصناعات البتروكيماوية ومخرجاتها المؤذية والخدمات السياحية المتطورة، ويصعب أيضاً تحقيق
النجاح في استراتيجية الجذب السياحي في مناطق يغلبُ عليها طابع الصناعة الخطرة.
انشغال الهيئة الملكية بالجبيل بالتنمية الصناعية ومتابعة مشاريعها الضخمة لم ينسياها الجانب السياحي، الاجتماعي، والتعليمي. وألحظ في الآونة الآخيرة اهتماماً غير مسبوق بإقامة المؤتمرات والمعارض الدولية ذات العلاقة بالقطاع الصناعي، والتقني، والتعليمي على وجه الخصوص، وآخرها مؤتمر الجبيل الدولي الأول للتعليم الهندسي والتكنولوجي.
الاهتمام بهذا الجانب يفتح أمام الجبيل الصناعية باباً واسعاً لسياحة المؤتمرات والمعارض. تحتاج سياحة المؤتمرات إلى مقومات أساسية، أو (حوافز) كما يطلق عليها خبراء السياحة، وأحسب أن غالبية تلك الحوافز متاحة مع بعض النواقص التي يمكن استكمالها ضمن استراتيجية شاملة لتنشيط سياحة المؤتمرات والمعارض في المدينة، وعلى رأسها تشغيل مطار الهيئة الملكية للرحلات المدنية، وزيادة عدد الغرف الفندقية المتاحة، وتطوير الأنظمة والقوانين المعينة على تسهيل حركة المهتمين بصناعة المؤتمرات والمعارض والاجتماعات.
خبيرة السياحة «لويس جون هول» تعتقد أن «أبوظبي ودبي تتصدران الوجهات الرئيسة لسياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض في الشرق الأوسط وفقاً لسلسلة من التقارير الدولية والإقليمية المتخصصة»، وتؤكد أن حكومة دبي «نجحت في استقطاب 1.3 مليون من مسافري الأعمال العام الماضي، من ضمن 1.8 مليون شخص حضروا إلى الإمارة بغرض السياحة، من بينهم 215 ألفاً قدموا خصيصاً لأنشطة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض». حكومتا دبي وأبوظبي لم تحققا ذلك النجاح في يوم وليلة، بل اجتهدتا لأعوام طويلة لجعل مدينتيهما الوجهة المفضلة لرجال المال والأعمال والسائحين.
الهيئة الملكية قادرة على تحقيق جزء من ذلك النجاح بسهولة، شريطة أن تتاح لمسؤوليها السُبل، وتُذلل أمامهم العقبات التي تحول دون تحقيقهم هدف تحويل مدينة الجبيل الصناعية إلى مدينة متخصصة في السياحة، وصناعة المؤتمرات والمعارض، إضافة إلى ما حباها الله من حوافز كثيرة قلما نجد مثيلاً لها في المنطقة، وإن كنت أُؤمن دائماً بالتخصص، فرغم كفاءة الهيئة الملكية وقدراتها التنموية والإدارية الفائقة إلا أن صناعة المؤتمرات والمعارض تحتاج إلى شركات عالمية متخصصة، لوضع الاستراتيجية وتنفيذها بدقة متناهية تضمن النجاح - بإذنه تعالى - وأحسب أن مسؤولي الهيئة الملكية بالجبيل أكثر اطلاعاً مني بذلك.
طموح الهيئة الملكية للجبيل وينبع يفوق بكثير إدارة المدن الصناعية؛ فنجاحها في عملها الرئيس في الجبيل لم يَحُل دون تحقيقها النجاح في إدارة التنمية وتحقيق أهـــدافها بدقة متناهية، وكم أتمنى أن تبدأ الهيئة الملكية خطواتها الواثقة لجعل الجبيل إحدى الوجهات المهمة والمتخصصة في «الصناعة السياحية»، وعلى رأسها سياحة المؤتمرات والمعارض والإجتماعات. نثق تماماً بقدرات الهيئة الملكية بالجبيل؛ فنجاحها المتميز في إدارة التنمية الصناعية، الاقتصادية، التعليمية، الخدمية، الصحية، والاجتماعية، يجعلنا نؤمن بإمكانية تحويل مدينة الجبيل الصناعية إلى الوجهة الأهم على خارطة السياحة بأنواعها المُختلفة في المنطقة.
f.albuainain@hotmail.com