(يأتي الحب ليمسّ بعصاه السحرية الكثير من الأشياء ليحيلها إلى شيء آخر أو قيمة أخرى، فيصبح لفاتورة المطعم الصغيرة قيمة ومعنى وتصبح لعلبة الكبريت العادية مكانة علبة مخملية تحمل قطعة ألماس ثمينة..) قرأت يوماً معنى مقارباً لهذه الكلمات في كتاب ما لاتحضرني الآن تفاصيله..
هي الذكريات الجميلة التي لاتتكرر،التي تجعل للأشياء الصغيرة قيمة لاتقدر بثمن، وهكذا يصبح جمال الذكريات عاملاً رومانسياً هاماً لتكدس الأوراق، لكن ليس هذا السبب وحده هو الذي يقف خلف تراكم الأوراق بل إن هناك أسباباً أخرى..
بين الفترة والأخرى أجلس إلى أوراقي، على الأقل مرة واحدة أسبوعياً، لا أقصد أوراقي البيضاء بغرض الكتابة، وإنما أوراقي الأخرى، تلك الأوراق المنوعة التي تتزايد يوماً بعد الآخر، أجلس إليها بغرض غربلتها وتصفية واختيار الصالح منها، تلك التي لاتحمل معلومة هامة..
ولعلنا جميعاً نتشابه في ذلك سواء كنا إعلاميين، كتاباً، أو صحفيين أو لم نكن نمتهن هذه المهنة، كلنا نتعامل مع الورق بشكل أو آخر..
أعود إلى حديثي أعلاه، وأقول هناك أسباب أخرى لتراكم الأوراق عدا الذكريات، هناك عدم الرغبة في التفريط في ورقة ما على أنك قد تحتاجها يوماً وقد يمثل الإنترنت حلاً حيث يتم استخراج المعلومات المطلوبة أيأ كانت من خلاله، إلا أن بعض الأوراق والقصاصات قد لاتحتوي فقط معلومات من الممكن الحصول عليها عبر الإنترنت، هناك الوثائق والأوراق والقصاصات الصغيرة المختلفة المصادر والأغراض..
قد تتضمن هذه الأوراق بطاقات تهنئة تحمل ذكرى جميلة معينة أو فاتورة هامة أو تصريحاً ما أو مستنداً وهلم جرا..
على سبيل المثال كنت ذات يوم برفقة إحدى الصديقات وكنا على عتبة فراق ما، استخرجت عملة ورقية لإحدى الدول العربية، كتبت عليها بضع كلمات بسيطة حملت مايشبه الوعد والتفاؤل والأمل ثم وقعت عليها وسجلت تاريخ اليوم والشهر والساعة، هل من السهولة أن أتخلص من مثل هذه الورقة، في الحقيقة أنا أحتفظ بها وأخشى فقدانها فكيف لي أن أتخلص منها؟! بعض مشاعر الحب تصبح عدواً شرساً لابد من مقاومته، أحدها ذلك الذي يسبب تراكم الكثير من الأوراق، لأن ثمة ذكرى ما تحمله بين السطور، وهكذا تجد نفسك بعد زمن محاصراً بجبل هائل من الأوراق والقصاصات يثقل كاهلك.
الحل هو أن تعود نفسك التخلص من الأوراق المنتهية الصلاحية أولاً باول فالحب الذي لن يجد قلباً يحتويه ويحميه لن تحفظه ورقة! لا مشكلة في الأوراق الهامة فهي غالباً محدودة ومختصرة لكن المشكلة الأخرى الهامة تكمن في تلك الأوراق التي تتضمن ملامح مواقف أو وجوه او صدى لأصوات لاتود التخلص منها بأسرع وقت ممكن، أقول ذلك لكم وفي الوقت نفسه أسائل نفسي: هل أستطيع؟!