مشروع التحول من التعاون إلى الاتحاد، المقترح الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى إخوته قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في القمة الخليجية الثانية والثلاثين في محرم المنصرم، يعدُ مشروعاً إستراتيجياً ملحاً ليس كاستجابة للتحديات التي تواجه جميع دول الخليج العربي فحسب، بل إن طبيعة المسيرة الخليجية تتطلب الوصول إلى هذه النهاية التي تُعدُ تتويجاً لمسيرةٍ طويلةٍ استمرت لثلاثة عقود ونيف من السنين.
ولأن المشروع إستراتيجي كبير ومهم، وله تأثيرات على مستقبل المنطقة العربية بأجمعها وليس الخليج العربي فحسب، فلا بد أن تكثر الاجتهادات وتتعدد الرؤى، ومثلما للاقتراح مؤيدون وداعمون يشكلون أغلبية أهل الخليج العربي، فهنالك بعض المترددين والمتحفظين لهم أسبابهم ولهم وجهة نظرهم، وأكثرهم لعدم فهمهم، أو لأسباب لا تتعدى المصلحة الذاتية بسبب الأنانية المفرطة من البعض الذين يعتقدون أن البقاء ضمن إطار القطر الواحد رغم صغره ومحدودية تأثيره وتفاعله مع المتغيرات التي يشهدها العالم سيظل يبقيه متميزاً في حياته المعيشية.
إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبداللـــه بن عبـــدالعزيز، مبــــــادرة استشراقيــــة وترجمة لرغبة خليجية عارمة، إلا أن التفاعل معها شعبياً ظل دون المستوى المطلوب، كون المبادرة تطرح مشروعاً إستراتيجياً عجزت مؤسسات المجتمع المدني وحتى المؤسسات الرسمية في تقديمه وتوضيحه لأهل الخليج وظل الطرح عاطفياً ودون المستوى ولم يقدم للجمهور إلا متأخراً، فرغم أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين قد قدمت قبل ستة أشهر إلا أن الإعلام والمؤسسات الشعبية والرسمية لم تتحرك إلا قبل أيام.
الآن وبعد وضع مشروع المبادرة على طاولات البحث والتفعيل من قِبل الخُبراء والمختصين، فإن المطلوب أن يتم التفاعل معه شعبياً حتى يترجم أهل الخليج العربي دعمهم لهذا المشروع الذي يحافظ على كيانهم ووحدتهم وبقائهم أعزاء بين الأمم.
jaser@al-jazirah.com.sa