1. التنوير هو ارتباط المعرفة العملية بالمعرفة العقلية، وأن تكون لديك الشجاعة على استخدام عقلك.. فمعاكسة المعتاد والسائد مركب خطر لا يُقْدم عليه إلاّ الشجعان.. لأنّ التنوير هو الوعي باللحظة الراهنة لحظة الصدق ومواجهتها.. فهو تسليط الأضواء على حالة أو صفة أو شكل أو ممارسة أو جسم أو فكر.. فترى كلّ التفاصيل بوعي وفهم وإدراك.. يدفعك لاتخاذ موقف.

2. رُبط التنوير بالتغريب.. فأضفى عليه ذلك حلّة ملوّثة في الخيال العام.. جعل من كلمة تنوير تهمة منحلّة وأحياناً ملحدة ينأى كل واحد بنفسه عنها.. لأنّ التنوير لا يتحقّق إلاّ بقبول الجديد المستحدث من منتجات المدنية.. وأهم منتجات المدنية هي الحرية الشخصية التي أتاحت فسحة واسعة للفرد أن يفكر بما يريد ويقول ما يريد ويكون ما يريد.. وهي سعة لا يقرُّها المتشدِّدون بمبرّرات منها المحافظة والتقليدية، ولا يريدون أن يفارقوا ما اعتادوه مما هو مألوف.

3. المطالبة بحرية المرأة هو المدفع الكبير الذي استخدم في الحرب على التنوير.. لأنّ الرافضين للتنوير يرون أنّ المرأة هي المدخل الرئيسي نحو هزّ عادات المجتمع.. فمن خلالها يتم استهداف نمط السلوك لدى المجتمع في خطوة نحو صياغة مفاهيم وقيم وطرق تفكير يتم تسويقها على المجتمعات وأحياناً فرضها.. ويمثلون على ذلك بالتركيز الإعلامي الذي يستغل أشكال الظلم الذي تعاني منه المرأة السعودية ويضعها مقابل المكتسبات التي حققتها المرأة الغربية.. وفي مقدمتها حريتها المطلقة التي تعني ضمناً التحرُّر الذي يدعو للانحلال!؟.. أما المدافعون عن التنوير فيرون أنه حقيقة حتمية قادمة، وأنّ إعاقته إعاقة للتنمية.. كما يرون أنّ موضوع المرأة استخدم كأداة للتخويف.. وأنّ الممانعين لإخراج المرأة من بيتها أخرجوها من الحياة.. من هنا فإنّ إخراج نصف المجتمع من الحياة يجب أن يُعَد من المفاسد التي يجب درؤها المقدم على جلب مصلحة بقائها في بيتها.

4. هناك من يرى أنّ التغريب مجرّد وَهْم فكري.. وهناك من يراه دون ذلك.. فالتغريب موجود وله أصل لكنه ليس بتلك الفزاعة المخيفة.. وأنه من التسطيح الخلط بين التغريب والتحديث.. ولا أحد يدعو إلى استبدال الصالح من ثقافتنا أو الأكيد من مبادئنا أو الأصيل من هويتنا.. فهذا هو التغريب الذي ترفضه الأغلبية.