تشعر وأنت تتحاور مباشرة مع د. عبدالله الربيعة وزير الصحة أن الصحة في بلادنا مسيطر عليها وتم وضع اليد على مفاصل المشكلة هذا الإحساس الذي وصلنا وعلى أقل تقدير وصلني يوم السبت الماضي عندما التقينا بالوزير وفريق عمله في مكتبه بمناسبة تدشين عدد من برامج الجودة التي تعمل على مراقبة المستشفيات عن بعد.
الوزير الربيعة يتحدث عن تطورات جديدة للرفع من مستوى الخدمة الصحية في بلادنا وإن كانت تلك حقيقة أو طموح فإننا لابد أن نتعامل معها, على الرغم من أن شريحة من المجتمع تراجع العيادات الخاصة والمستشفيات الأهلية في الأمراض الموسمية والإصابات العادية والمراجعات الدورية باستثناء الإصابات الخطيرة والعمليات الكبرى لأن الخدمة الطبية الحكومية لا يستفاد منها كما يجب.
فالذي دفعني للإحساس بأن وزارة الصحة تمكنت من مشكلات الصحة في بلادنا تلك الثقة التي أبداها الوزير د. عبدالله الربيعة رغم وجود شركاء في مجال صحة المجتمع منها الجامعات السعودية والتي دشّن الملك عبدالله حفظه الله مؤخراًَ (12) مستشفى جامعيا بطاقة جديدة للمستشفيات الجامعية (3800) سرير وتكلفة إجمالية (5.7) مليار ريال. والمستشفيات العسكرية: الدفاع والداخلية والحرس الوطني، بالإضافة إلى المستشفيات التخصصية وبلغة الإحصاء والأرقام تشكل مستشفيات وزارة الصحة (60%) من المستشفيات بالمملكة أي (39) مستشفى حكوميا خارج الوزارة, و(127) مستشفى أهليا, ويقابله (249) مستشفى حكوميا تابع للوزارة وهذا يجعل د. الربيعة ليس وحده في ساحتنا العلاجية والدوائية وبالتالي لا بد من صيغة تجمع هذه المستشفيات والجهات الصحية في منظومة واحدة للسيطرة على مشكلاتنا التي مهما بذلها وزير الصحة لوحده لن يحل شكوانا اليومية من الوضع الصحي حتى إننا نطلب التأمين الطبي للخلاص من هذا الهدر المالي لخدمة لا يستفيد منها المواطن, بل إن المواطن يعالج على حسابه الخاص, ويعمل رعاية لجسده ومنها العمليات الصغرى والولادات من جيبه الخاص أو على حساب التأمين إذا كان يتبع جهة تؤمن على الصحة.
وزير الصحة د. الربيعة أو غيره ممن سبقوه أو من يأتي بعده لا يستطيع أن يتجاوز هذه المعضلة وهي عدم الرضا عن الخدمة الصحية المقدمة إذا كنا نعمل بنظام الجزر المعزولة والمتباعدة, ومهما كان د. الربيعية جراحاً ماهراً ودقيقاً سيغرق في التفاصيل الإدارية وتنازع الجهات ليس أقلها التفاهم مع الجامعات ومستشفياتها التعليمية وكلياتها الطبية بلغة: (ماذا تريد وزارة الصحة من الكليات الجامعة), ثم: ماذا تريد الصحة من المستشفيات العسكرية, وعنوان آخر ماذا تريد وزارة الصحة من المستشفيات الخاصة.
الوزير د. الربيعة في مكتبه مختلف تماماً بل وكثيراً عن واقع المستشفيات الحكومية فما يحمله من أفكار وخطط وطموح قد لا يتطابق تماما مع واقع المستشفيات الحكومية, ومستشفيات الدولة من خارج الوزارة, والممارسات من المستشفيات الخاصة. الوزير يحمل أفكاراً وطموحاً وسط غابة من الإجراءات والتداخلات التي تجعل من تنفيذ الأهداف والغايات مستحيلة إلا مع تغيرات إدارية كبيرة.