أخطر ظاهرتين جدتا على الساحة السعودية الإلحاد “العنف القولي “، والانتحار وفي ذات الخانة قتل الزوجة والأولاد “العنف الفعلي الموجه للذات أو للآخر” وكلا السلوكين هما نتيجة لسلسلة من الأزمات والانفعالات غير المنضبطة والتي ولدت شحنات نفسية ومشاعر إحباط فعلي وتحدياً حقيقياً لكل ما حول الإنسان وما في الإنسان حتى وصل الأمر إلى تحدي الخالق جل في علاه وتقدس في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
إن هذا الانحدار يحتاج إلى وقفة طويلة وقراءة متروية ونظرة متزنة لمعرفة الأسباب والحيثيات ومن ثم البحث عن الآليات والسبل للعلاج المجتمعي الواعي والمدروس بعيداً عن مطارحة كل حالة لوحدها والمناقشة الفردية التي لا تخرج في نظري عن أن تكون مفردة في منظومة متكاملة لديها والعياذ بالله نفس التصور وتحمل بين حناياها الشعور ذاته الذي هو في الأساس مبني على ركائز الفكر المادي المعروف المتكئ على الشك والقائم على المحسوس الذي يمكن رؤيته والإحساس به!!.
إن الانفتاح على الثقافات العالمية وبشكل لا يمكن ضبطه ولا التحكم فيه سيولد في اعتقادي في الفترة الزمنية القريبة سيلاً من المعارك الصدامية في المجتمع السعودي الذي ظل سنوات من الزمن بمنأى عن كثير من التماهي والمماحكات والمنازلات والمعارك بين الأطياف الفكرية المختلفة ليس لعدم وجود تواصل مع الآخر ولكنه تواصل كان يأخذ شكل التخفي والسرية وعدم الجهر بالسوء من القول.
لقد كنا نسمع عن الحادية نجيب محفوظ والكتابات التي تعبر عن الردة لنصر حامد أبو زيد ونتابع المحاكمات والمرافعات بشيء من الازدراء للواقع الثقافي الأدبي هناك وكنا نظن أننا بعيدين عن اليوم الذي نطالب فيه باقتياد رجل أو امرأة إلى ساحة القضاء.
إن من المغالطات الراسخة في الذهنية السعودية وللأسف الشديد أن المثقف لا يمكن أن يكون متديناً، والمتدين مشطوب من قائمة المثقفين، والمشكلة أن هذه القناعة موجودة حتى عند القائمين على الشأن الثقافي سواء في وزارة الثقافة والإعلام أو التعلم العالي أو القطاع الخاص المرئي والمكتوب أو المسموع وللأسف الشديد فهو لا يدعى لحضور المهرجانات الثقافية إلا نادراً ولا يشارك في التمثيل الخارجي وكأن الثقافة السعودية لا تعرف إلا الأجناس الأدبية الرواية والقصة والشعر.
إن التعدي على الذات الإلهية هو جسارة وخسارة ولا يمت للثقافة بصلة فالمثقف الحقيقي هو من يدرك عمق العلاقة بين الدين ومجريات الحياة ، وهو من يعرف ويقدر قيمة الكلمة وأمانتها وخطورتها وعظم شأنها في ميزان الله قبل خلقه ورب كلمة قالت لصاحبها دعني، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.